التأمل في جماليات الخطاب القرآني

أخلاق وقيم في شهر رمضان

قيم وأخلاق رمضانية

حفظ اللسان في رمضان

قال النبي ﷺ: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” (رواه البخاري).

كما قال ﷺ: “الصيام جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم”.

لقد أكد السلف الصالح أن الامتناع عن الطعام والشراب هو أدنى درجات الصيام، بينما الصيام الحقيقي يشمل حفظ الجوارح، كما قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء”.

الكلام ينقسم إلى أربعة أنواع:

1. كلامٌ ضارٌّ محض.

2. كلامٌ نافع محض.

3. كلامٌ يجمع بين النفع والضرر.

4. كلامٌ لا ضرر فيه ولا نفع.

وبذلك، فإن أكثر ما يُتحدث به يكون ضرره أكثر من نفعه، مما يجعل رمضان فرصة عظيمة للتدرب على ضبط اللسان والابتعاد عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والسخرية، والقدح، واللعن، وفضول الكلام. ولنتذكر دائمًا قولنا: “إني صائم”، فهي علامة الإيمان الحقيقي.

التواضع والبذل والإيثار في رمضان

سُئل بعض السلف: لماذا شُرع الصيام؟ فأجاب: “ليذوق الغني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع”.

وقد كان السلف الصالح مثالًا في الإيثار؛ فقد كان عبدالله بن عمر رضي الله عنه يصوم ولا يُفطر إلا مع الفقراء، وإن مُنع من ذلك، امتنع عن العشاء. وإذا جاءه سائل وهو على طعامه، أعطاه نصيبه من الطعام، وعاد ليجد أهله قد أكلوا ما تبقى، فيبقى صائمًا.

وهناك من السلف من كان يشتهي طعامًا وهو صائم، لكنه إذا سمع سائلًا يطلب، قدّم طعامه له، وبات جائعًا ابتغاء وجه الله.

إن هذه النفوس الربانية التي عاشت البذل والإيثار، لم تترك لنا إلا أثرها العطر، فهل نلحق بركبهم ونسير على خطاهم؟

الصبر في رمضان

قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر:10].

الصبر في الإسلام ينقسم إلى ثلاثة أنواع:

1. الصبر على طاعة الله.

2. الصبر عن معصية الله

3. الصبر على أقدار الله المؤلمة.

وتجتمع هذه الأنواع في الصيام، فهو يتطلب الصبر على أداء الطاعة، والصبر عن الشهوات، والصبر على الجوع والعطش. وقد قال النبي ﷺ: “ما أُعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر”.

ورمضان فرصة عظيمة لمجاهدة النفس على التحلي بالصبر، وهو أحد سُبُل بلوغ الجنة، كما قال بعض السلف: “بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين”.

الارتباط بالمسجد في رمضان

قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ﴾ [التوبة:18].

من أجمل الدروس الرمضانية تعلُّم محبة المساجد والاعتكاف فيها، ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

1. المحافظة على جلسة الإشراق بعد صلاة الفجر.

2. تلاوة القرآن ومدارسته خلال اليوم.

3. أداء الصلوات في المسجد مع الالتزام بالحضور المبكر.

4. الإفطار الجماعي في المسجد والمساهمة في تفطير الصائمين.

5. المحافظة على صلاة القيام مع إمام متقن لقراءة القرآن.

6. الاستغفار والذكر وقت السحر بعد تناول السحور.

7. الاعتكاف في العشر الأواخر والابتعاد عن مشاغل الدنيا.

وقد قال الإمام الزهري رحمه الله: “عجبًا للمسلمين! تركوا الاعتكاف مع أن النبي ﷺ لم يتركه منذ قدم المدينة حتى قُبض”.

العفو والصفح في رمضان

قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ [الحشر:10].

روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “يدخل عليكم من هذا الباب رجلٌ من أهل الجنة”، فدخل رجل من الأنصار في ثلاث مرات متتالية، فقرر عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما معرفة سره، فبات عنده ثلاث ليال، فلم يجده كثير الصلاة أو الصيام، فسأله عن سرّ منزلته، فقال: “ما هو إلا ما رأيت، غير أني أبيت وليس في قلبي غشٌّ على مسلم، ولا أحسد أحدًا على خير رزقه الله”

أخلاق وقيم في شهر رمضان
أخلاق وقيم في شهر رمضان

وقد سُئل النبي ﷺ: “أي الناس أفضل؟” فقال: “مخموم القلب، صدوق اللسان”، فقيل: “وما مخموم القلب؟” فقال: “هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد”.

وفي العشر الأواخر، حين سُئلت عائشة رضي الله عنها عن أفضل دعاء، قال النبي ﷺ: “اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عنا”. فكيف نطلب العفو من الله ولا نعفو عن غيرنا؟!

رمضان فرصة عظيمة لتنقية القلوب، وترك الأحقاد، والاقتداء بقول النبي ﷺ يوم فتح مكة: “اذهبوا فأنتم الطلقاء

مزيد من الخواطر الرمضانية