مكانة رمضان في بناء الأمم

برنامج العُبَّاد في شهر رمضان

برنامج الربانيين في شهر رمضان

الحمد لله الذي خلقنا لعبادته، وأرسل لنا خير رسله ليكون قدوة للعابدين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مع حلول شهر رمضان المبارك، تتقدم الجمعية الإسلامية الأمريكية بأصدق التهاني إلى المسلمين في الولايات المتحدة والعالم أجمع. هذا الشهر هو شهر القرآن والذكر والدعاء والصيام والقيام، وهو فرصة عظيمة لرفع الأمة وتعزيز مكانتها، حيث سجل فيه التاريخ أعظم الانتصارات بفضل رجال ونساء تربوا على نهج التقوى والربانية.

برنامج الربانيين في رمضان

1. الإخلاص في العبادة

الصيام عبادة خالصة لوجه الله، فهو ليس مجرد عادة سنوية، بل وسيلة لتقوية الإيمان وتزكية النفس. ويساعد على ذلك:

حديث النبي ﷺ: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به.” (رواه البخاري ومسلم)

الصيام يحرر الإنسان من سيطرة الشهوات، مما يعينه على الطاعة والخشوع.

يزيد من قوة الإرادة، مما يساعد المسلم على ضبط النفس والتخلص من العادات السيئة.

2. استغلال الوقت في رمضان

هذا الشهر فرصة ذهبية لمن أراد تحقيق القرب من الله، فهو مقسم إلى:

أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.

ليلة القدر خير من ألف شهر، وهي فرصة مضاعفة للحسنات.

بدلاً من إضاعة الوقت في اللهو، يجب التركيز على الذكر، وقراءة القرآن، والصلاة، والصدقات، وصلة الرحم.

3. ختم القرآن الكريم مرتين على الأقل

مرة في صلاة التراويح، حيث قال النبي ﷺ: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.” (رواه البخاري)

مرة بقراءة شخصية، على أن تُخصص بعض الأوقات لقراءة القرآن مع العائلة، مما يحقق بركة في البيوت.

4. مراجعة ما تم حفظه من القرآن

كان جبريل عليه السلام يراجع مع النبي ﷺ القرآن في كل رمضان، وفي العام الذي توفي فيه، راجعه مرتين.

الحافظ للقرآن مطالب بمراجعته، لقول النبي ﷺ: “من حفظ القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم.” (رواه أبو داود)

5. إفطار الصائمين

تفطير الصائم له أجر عظيم، حتى ولو كان بتمرة أو شربة ماء.

هذا باب واسع للخير، يمكن المشاركة فيه بتحضير الطعام أو التبرع للمحتاجين.

6. الدعاء عند الإفطار

للصائم دعوة لا تُرد، وكان النبي ﷺ يقول عند الإفطار: “اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت.”

يُستحب الدعاء للأمة الإسلامية بالخير والنصر.

7. تعجيل الفطر وتأخير السحور

قال النبي ﷺ: “لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.” (رواه البخاري ومسلم)

كما أن السحور بركة، وقد قال ﷺ: “تسحروا فإن في السحور بركة.” (رواه مسلم)

8. الإكثار من الصدقة

كان النبي ﷺ أجود الناس، وكان أكثر ما يكون جودًا في رمضان.

إخراج الزكاة والصدقات في رمضان يضاعف الأجر، ومن أدى فريضة في هذا الشهر كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه

9. الإكثار من ذكر الله

قال النبي ﷺ: “استكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غنى لكم عنهما؛ فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، والاستغفار. وأما الخصلتان اللتان لا غنى لكم عنهما: فتسألون الجنة وتعوذون به من النار.” (رواه ابن حبان)

يجب أن يكون الذكر ملازمًا للمسلم في كل أوقاته، سواء في العمل أو أثناء المشي أو عند الذهاب إلى المسجد.

10. إصلاح العلاقات وتحقيق الوحدة

من أعظم أسباب فقدان البركة في رمضان وجود الخصومات، وقد قال النبي ﷺ: “خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت.” (رواه البخاري)

برنامج العباد في الشهر
برنامج العباد في الشهر

11. التحلي بالصبر وحسن الخلق

رمضان مدرسة عظيمة في تهذيب النفس، إذ يساعد الصيام على ضبط الغضب، والحلم، والصبر على الأذى. قال النبي ﷺ:

“إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم.” (رواه البخاري ومسلم)

الصيام يربي المسلم على التحمل، وكظم الغيظ، والإحسان إلى الآخرين، وهي صفات أساسية للعبد الرباني.

12. المحافظة على قيام الليل والتهجد

قيام الليل من أعظم العبادات في رمضان، لا سيما في العشر الأواخر حيث يكون الاجتهاد مضاعفًا طلبًا لليلة القدر. قال النبي ﷺ:

“من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.” (رواه البخاري ومسلم)

ومن الأمور التي تعين على القيام:

النوم مبكرًا وترك السهر فيما لا ينفع.

التدرج في عدد الركعات لمن لم يعتد على القيام.

استحضار فضل قيام الليل وأنه دأب الصالحين.

13. استثمار العشر الأواخر في الاعتكاف

الاعتكاف سنة نبوية كان النبي ﷺ يواظب عليها، وخاصة في العشر الأواخر من رمضان. وهو فرصة للانقطاع عن الدنيا والانشغال بالعبادة، ومن فوائده:

التفرغ للذكر والقرآن والدعاء.

مراجعة النفس وتصحيح المسار.

إدراك ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر

قال تعالى: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ۝ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ۝ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” (القدر: 1-3).

14. تعزيز روح الأخوة والتكافل الاجتماعي

رمضان فرصة عظيمة لنشر قيم المحبة، والتعاون، والرحمة بين الناس. ومن وسائل ذلك:

تفقد الفقراء والمحتاجين، ومد يد العون لهم.

الإصلاح بين المتخاصمين، ونشر ثقافة التسامح.

تقوية أواصر العلاقات العائلية وزيارة الأقارب

قال النبي ﷺ: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله.” (رواه الترمذي).

15. الاستمرار في الطاعة بعد رمضان

من علامات قبول العمل في رمضان أن يستمر العبد في العبادة بعده، فمن كان محافظًا على القرآن والصلاة والصدقة في رمضان، فعليه أن يواصل ذلك بعده. قال النبي ﷺ:

“أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.” (رواه البخاري ومسلم).

لذا، فلنجعل رمضان نقطة انطلاق لتغيير دائم، وليس مجرد شهر عابر، ولنسأل الله الثبات على الطاعة بعد رمضان كما وفقنا فيها خلاله.

رمضان فرصة لا تعوض لتجديد الإيمان، وتقوية الصلة بالله، وإصلاح النفس. والعبد الرباني هو من يستثمر هذا الشهر المبارك فيما يرضي الله، ويجعل منه مدرسة للتغيير الحقيقي.

نسأل الله أن يجعلنا من الفائزين برمضان، وأن يكتب لنا القبول، ويبلغنا ليلة القدر، ويعيننا على طاعته بعده.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

خاتمة

هذه الوصايا العشر هي مفتاح الفوز ببركات رمضان، وهي تحتاج إلى صدق التوجه، وقوة العزيمة، وتنظيم الوقت، وجهاد النفس. نسأل الله أن يجعلنا من عباده الربانيين، وأن يعيننا على طاعته، ويكتب لنا السعادة في الدنيا والآخرة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مزيد من الخواطر الرمضانية