أوقات العمل في رمضان
أوقاتٌ ثمينةٌ في رمضان
الحمد لله الذي بلّغنا هذا الشهر الكريم، ونسأله العون على استثماره فيما يرضيه.
من الأمور التي ينبغي الانتباه لها أن بعض الناس يكونون في قمة نشاطهم في الطاعات خلال نهار رمضان، حيث يحرصون على تلاوة القرآن، وأداء الصلوات المفروضة، والسنن الرواتب، وهو أمر محمود، ولكن بمجرد أن يحلّ الليل يتغير الحال، فينشغل البعض بالزيارات والتنقل دون استثمار هذا الوقت في العبادة. وهذا على خلاف ما كان عليه النبي ﷺ، فقد كان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة من رمضان لمدارسة القرآن، كما جاء في صحيح البخاري. وقد أشار الحافظ ابن رجب رحمه الله إلى فضل تلاوة القرآن ليلاً، بل إن ليالي هذا الشهر تفوق أيامه في الفضيلة، لاشتمالها على ليلة القدر، وفرصة القيام، وأداء العبادات.
لذا، ينبغي لنا مراجعة أنفسنا والحرص على استثمار هذه الساعات المباركة في ليالي رمضان كما في أيامه. ومن الأوقات الثمينة التي تستحق العناية:
ساعة ما بعد العصر: وهي فرصة عظيمة للتقرب إلى الله، خاصة أن كثيراً من الناس يكونون منشغلين خلال النهار بأعمالهم، ثم يخلدون للنوم بعد الفجر، فلا يتبقى لهم سوى هذا الوقت الثمين.
يوم الجمعة: ينبغي اغتنامه في الذكر والدعاء، فقد ورد أن فيه ساعة لا يُرد فيها الدعاء.
ساعة الإفطار: جاء في بعض الأحاديث أن للصائم عند فطره دعوة لا تُرد، وقد كان السلف يحرصون على الدعاء في هذا الوقت. كما أن الذكر والاستغفار عقب الأعمال الصالحة من الأمور المستحبة.
ساعة السحر: وهي من أشرف الأوقات، وقد أثنى الله على المستغفرين فيها بقوله: “وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ” (آل عمران: 17) وقوله: “وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” (الذاريات: 18). وفي هذا الوقت ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا وينادي عباده ليستجيب لدعواتهم، ويغفر ذنوبهم.
إن هذه الأوقات كنوزٌ ثمينة، وخاصة في شهر رمضان، حيث يجتمع فيها شرف الزمان مع شرف العبادة. فلنحرص على اغتنامها بالدعاء، والذكر، والاستغفار، لعلنا نكون من الفائزين برحمة الله ورضوانه.
يعد شهر رمضان فرصة عظيمة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، فهو موسمٌ للطاعات والعبادات، ومن يفوّت هذه الأوقات المباركة فإنه يُضيّع على نفسه فرصًا ثمينة للخير والثواب. لذا، من الواجب على المسلم أن يضع لنفسه برنامجًا روحانيًا متوازنًا، يحرص فيه على اغتنام كل لحظة في هذا الشهر المبارك.
كيف نستثمر أوقاتنا في رمضان؟
1. الحرص على تلاوة القرآن ومدارسته:
فقد كان النبي ﷺ يلتقي بجبريل عليه السلام كل ليلة من رمضان لمدارسة القرآن، مما يدل على أهمية تلاوته وتدبّره في هذا الشهر الفضيل.
2. الاجتهاد في قيام الليل:
من أعظم الأعمال التي تُقرّب العبد إلى الله في رمضان صلاة التراويح والقيام، خاصةً في العشر الأواخر، حيث كان النبي ﷺ يشدّ مئزره، ويُحيي ليله، ويوقظ أهله، طلبًا لليلة القدر.
3. المحافظة على الأذكار والدعاء في الأوقات الفاضلة:
عند الإفطار: فدعوة الصائم لا تُرد.
في السَّحَر: حيث ينزل الله إلى السماء الدنيا ويستجيب للدعوات.
يوم الجمعة: ففيه ساعة استجابة.
4. الصدقة والإحسان إلى الآخرين:
فمن أعظم القُربات في رمضان إطعام الطعام، والإنفاق على الفقراء والمساكين، وقد كان النبي ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.
5. الاجتهاد في إصلاح النفس والتوبة:
رمضان فرصة عظيمة لمحاسبة النفس، والتخلص من الذنوب، والبدء بصفحة جديدة مع الله، من خلال التوبة الصادقة، وكثرة الاستغفار.

ختامًا:
إن أعمارنا قصيرة، ولكن الله جعل لنا في مواسم الطاعة فرصًا عظيمة لمضاعفة الأجر، فالسعيد هو من وفقه الله لاستغلالها، والشقي هو من ضيّعها في اللهو والغفلة. فلنجعل من رمضان محطة للتغيير الحقيقي، ولنحرص على اغتنام أوقاته فيما يُرضي الله، حتى نخرج منه بقلوب نقية، ونفوس زكية، وأعمال مقبولة.
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعلنا من عتقائه في هذا الشهر المبارك، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نسأل الله أن يعيننا على حسن استغلال أوقاتنا، وأن يرزقنا خير ما عنده، ونعوذ به من شر ما عندنا. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.