نعمة إدراك رمضان
نعمة إدراك رمضان: فرصة ذهبية للروح والعبادة
مقدمة:
يعد شهر رمضان من أعظم النعم التي يمنّ الله بها على عباده، فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، حيث تتضاعف فيه الحسنات، وتمحى السيئات، وتتنزل الرحمات. إن إدراك هذا الشهر الفضيل فرصة لا تُقدَّر بثمن، تستحق الشكر والاجتهاد في الطاعة والقرب من الله.
رمضان: موسم التجارة الرابحة
كما أن أهل التجارة في الدنيا يستعدون لمواسم الربح، فإن من أراد الفوز بالآخرة ينبغي له الاستعداد لرمضان، حيث يقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف:10]
فالعبادة في هذا الشهر تجارة لا تبور، وأرباحها تتجلى في مضاعفة الأجور، ومغفرة الذنوب، والفوز بالجنة.
أمنية أهل القبور: فرصة لا تعوض
كم يتمنى الموتى العودة للحياة ليغتنموا فضل رمضان، ولكنها أمنية مستحيلة. وكم من شخص كان يأمل إدراك رمضان لكنه رحل قبل حلوله، فخسر فرصة عظيمة لنيل المغفرة والرحمة.
يقول النبي ﷺ:
“رغم أنف امرئ أدرك رمضان ولم يغفر له”
فيا من بلغك الله رمضان، اغتنم الفرصة، ولا تكن من الغافلين.
إدراك رمضان أعظم من الشهادة!
من أعظم الأحاديث الدالة على فضل إدراك رمضان، ما رواه ابن حبان أن رجلين أسلما معًا، فاستشهد أحدهما، وعاش الآخر عامًا ثم مات، فرُؤي في المنام وهو يدخل الجنة قبل الشهيد، فتعجب الصحابة! فقال النبي ﷺ:
“أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ وأدرك رمضان فصامه؟ وصلى كذا وكذا سجدة؟ قالوا: بلى، قال: فلما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض”
ما أعظمها من نعمة أن يُكتب لنا إدراك هذا الشهر العظيم، وأن نغتنم كل لحظة فيه.
أجور بلا حدود في رمضان
من كرم الله أنه جعل ثواب الصيام غير محدود، حيث قال النبي ﷺ في الحديث القدسي:
“كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”
فالصيام عبادة خاصة، يجزي الله عليها بغير حساب، وهي سبب للنجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.
فرصة لمغفرة الذنوب:
شهر رمضان هو شهر مغفرة الذنوب، فقد ورد في الحديث أن جبريل قال للنبي ﷺ:
“من أدرك رمضان ولم يغفر له فأبعده الله، قل: آمين. فقال النبي: آمين”
فمن لم تُغفر له ذنوبه في رمضان، فمتى سيتوب؟! إنه شهر الفرص الذهبية التي يجب ألا نضيعها.
شكر نعمة إدراك رمضان:
إن بلوغ رمضان نعمة تستوجب الشكر والعمل الصالح، فقد قال الله تعالى في ختام آيات الصيام:
{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]
فيا رب، اجعلنا من الشاكرين لنعمتك، وأعنّا على صيامه وقيامه، وبلغنا رمضان أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة.
كيف نستعد لرمضان؟
الاستعداد لرمضان لا يقتصر فقط على شراء المأكولات والمشروبات، بل ينبغي أن يكون استعدادًا روحيًا ونفسيًا وعمليًا، ومن أهم طرق الاستعداد:
1- تصفية القلب من الأحقاد
رمضان شهر التسامح، فمن أراد أن يُقبل صيامه وقيامه، فليطهّر قلبه من الحسد والضغينة، فقد قال النبي ﷺ:
“تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا”
فكيف نرجو المغفرة ونحن نحمل في قلوبنا الحقد والكره؟!
2- التوبة الصادقة
قبل أن يبدأ رمضان، علينا أن نبدأه بـقلب نقي، والتوبة هي مفتاح ذلك، فقد قال الله تعالى:
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]
فلنراجع أعمالنا، ولنترك الذنوب، فما أجمل أن نبدأ رمضان بصفحة بيضاء مع الله!
3- وضع خطة للعبادة
لا ينبغي أن يمر رمضان دون خطة واضحة لاستغلاله بأفضل شكل ومنها:
1- ختم القرآن مره او اكثر
2- قيام الليل
3- الصدقة يومياً ولو بالقليل
4- الإكثار من الدعاء خاصة عند الإفطار
5-صلة الرحم والتواصل مع الأهل والاحباب
*العشر الاواخر كنز لايقدر بثمن إذا كان رمضان كله فضيلة وبركة فإن العشر الاواخر منه هي تاج رمضان ففيها ليلة القدر*

خاتمة:
رمضان فرصة لا تعوض، وأيامه سريعة الانقضاء، فلنستعد له بالنية الصادقة، والعبادة الخالصة، والتوبة النصوح، عسى أن نكون من الفائزين فيه بالمغفرة والرضوان والجنة.
اللهم بلغنا رمضان، وأعنا فيه على الصيام والقيام، وتقبل منا أعمالنا، واغفر لنا ذنوبنا، إنك جواد كريم.