لحظات القرب

هل يجوز صيام المرأة بدون إذن زوجها؟

الحكم الشرعي والفرق بين الفرض والنافلة

من الأسئلة المتكررة في رمضان: هل يجوز للمرأة أن تصوم بدون إذن زوجها؟

والإجابة تعتمد على نوع الصيام: هل هو فرض مثل صيام رمضان؟ أم نافلة كصيام الاثنين والخميس؟

في هذا المقال سنوضح الحكم الشرعي بالتفصيل، ونقدّم توازنًا بين حق الزوج، وعبادة الزوجة.

١. صيام الفرض (رمضان أو القضاء أو النذر)

لا تحتاج المرأة إلى إذن زوجها لصيام الفرض، مثل:

صيام رمضان.

قضاء ما فاتها من رمضان.

صيام نذر أوجبته على نفسها.

✅ في هذه الحالات:

الصيام واجب شرعًا، ولا يحق للزوج منعها منه، ولا يحتاج إذنه.

قال الله تعالى:

“فمن شهد منكم الشهر فليصمه…” – البقرة: 185

وقال العلماء:

“لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.”

٢. صيام النافلة (مثل الاثنين والخميس، أو ست شوال)

في صيام التطوع، الأمر يختلف.

الحكم:

لا يجوز للمرأة أن تصوم صيام نافلة وزوجها حاضر إلا بإذنه،

إذا كان الصيام يؤثر على حقوقه الزوجية (كالعلاقة الخاصة أو التواصل).

قال النبي ﷺ:

“لا تصوم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه.” – متفق عليه

“شاهد” = حاضر، غير مسافر.

أما إن كان مسافرًا أو راضٍ ضمنًا، فلا بأس بالصيام.

٣. ما الحكمة من هذا التفصيل؟

لأن صيام الفرض لا يملك أحد إسقاطه عن المرأة، لا الزوج ولا غيره.

أما صيام التطوع فهو اختياري، وقد يؤثر على الحقوق الزوجية، فجعله النبي ﷺ مرتبطًا بالإذن.

هذا لا يعني تقليلًا من عبادة المرأة، بل هو توازن بين العبادة والواجب الأسري.

٤. هل يشترط الإذن كل يوم؟

لا يُشترط الإذن اليومي إذا اعتاد الزوج منها الصيام وكان راضيًا ضِمنًا.

أما إذا كان يرفض أو يتضايق منه، يجب أن تُخبره وتستأذنه في كل مرة.

٥. ماذا لو صامت بدون إذن في صيام تطوع؟

إذا علم الزوج ورفض صيامها، فصيامها غير جائز ويُطلب منها القضاء.

أما إن لم يعلم، فصيامها صحيح لكن مع إثم مخالفة أمر النبي ﷺ.

٦. هل يشترط إذن الزوج لصيام القضاء؟

لا.

صيام قضاء رمضان لا يُشترط فيه إذن الزوج، حتى لو كان حاضرًا،

لأنه واجب شرعي لا يملك الزوج منعه.

٧. ماذا إن منعها من الصيام مطلقًا؟

إذا منعها الزوج من صيام الفرض، فإن منعه مرفوض شرعًا، ولا طاعة له في ذلك.

أما إن منعها من صيام النافلة، فالأمر فيه تفصيل كما ذكرنا.

الصيام الفرض لا يُمنع

الصيام النافلة يُستأذن فيه

٨. ماذا لو نذر الزوج منع زوجته من الصيام؟

إذا نذر الزوج أو اشترط ألا تصوم زوجته صيام تطوع وهو حاضر،

→ له أن يمنعها من النافلة، وليس من الفرض (مثل رمضان أو القضاء أو النذر الواجب عليها).

لكن إن استمر في منعها دون سبب شرعي،

→ يُعد ذلك تضييقًا غير مشروع، ويُستحب أن تُحاوره أو تستعين بوسيط عاقل لحل الخلاف.

٩. هل المرأة مأجورة إن تركت صيام التطوع طاعةً لزوجها؟

نعم، إذا كان الصيام نافلة، وتركته المرأة طاعةً لزوجها لا تُحرم الأجر،

بل تُؤجر على نيتها، وطاعتها لزوجها في غير معصية.

لأنها اختارت الأدب الشرعي وقدّمت المصلحة الزوجية على الفعل التطوعي.

هل يجوز صيام المرأة بدون إذن زوجها؟

١٠. ماذا تفعل إن اعتادت الصيام وهو يمانع؟

إذا كانت معتادة على الصيام (مثلاً كل اثنين وخميس)،

فيُستحب أن تُخبره من البداية، وتجعله شريكًا في نيتها،

وإن رفض لأسباب غير شرعية أو بدون داعٍ،

→ لها أن تتحاور معه، وتشرح له أن الصيام لا يعني التقصير في حقه.

١١. حالات واقعية تحتاج حكمة

▪ زوج يتضايق من صيام زوجته النافلة لأنها تنشغل عنه

→ الحل: لا تصومي أيامًا متتابعة. اختاري يومًا خفيفًا كل أسبوع وخصصي له وقتًا قبل أن يعود.

▪ زوجة تنوي القضاء، لكنه يطلب منها تأجيله

→ لا طاعة له هنا، القضاء واجب، ويجب تقديمه إذا ضاق الوقت (قبل رمضان القادم).

▪ الزوج غائب أغلب اليوم، فهل يجب الإذن؟

→ لا، إذا كان غيابه لا يتأثر بصيامها، ولا يطلب هو إذنًا صريحًا، فالأمر جائز، خاصة إن اعتاد منها الصيام.

١٢. هل يحق للزوج إجبار زوجته على الإفطار؟

إن كان الصيام فرضًا: لا، ولا يجوز له أن يُجبرها على الإفطار.

إن كان نافلة: يجوز له أن يمنعها منها إذا كان حاضرًا.

لكن لا ينبغي أن يتحول الزواج إلى مساحة نزاع في أمور الطاعة، بل إلى تعاون على ما يُرضي الله.

خاتمة المقال – توجيه للطرفين

للزوج:

لا تمنعها من طاعة إلا إذا كانت ستُقصّر في حقك،

ولا تقف بين قلبها وربّها،

فالمرأة إذا صامت لله، عادت لك بنقاء نفس وروح.

وللمرأة:

قدّمي الفرض على النافلة،

والنية على العادة،

والحكمة على العناد.

الصيام عبادة، والحياة الزوجية مسؤولية. والمرأة الصالحة توفّق بين الاثنين بحب ورضا.

https://monthramadan.com

مزيد من الخواطر الرمضانية