رمضان مدرسة الإرادة: دروس وعبر في الصيام للأئمة والدعاة

صيام المرأة المريضة: ما يجوز وما لا يجوز

دليل شرعي وعملي لحالات المرض المؤقت والمزمن

المرض من الأعذار التي رخص الله بها في الإفطار، لكن الكثير من النساء لا يُميّزن بين حالات المرض العادي، والمرضي المزمن، وبين ما يجوز فيه الإفطار، وما يُطلب فيه الصيام.

في هذا المقال نوضح متى يجوز للمرأة المريضة أن تُفطر في رمضان، وكيف تتعامل مع مرضها دون أن تُقصّر في دينها أو تُرهق بدنها.

https://monthramadan.com

١. القاعدة العامة: لا صيام مع مشقة شديدة أو ضرر

الإسلام دين يسر، والصيام لا يجب على المريضة إذا:

كان المرض يُرهقها بشدة.

أو يؤخّر الشفاء.

أو يُعرض حياتها أو أعضاءها للخطر.

قال الله تعالى:

“فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر”

– سورة البقرة: ١٨٤.

٢. ما المرض الذي يُجيز الإفطار؟

✅ مرض مؤقت:

مثل:

الإنفلونزا الشديدة.

الحمى.

التهاب حاد.

ألم شديد لا يُحتمل أثناء الصيام.

→ في هذه الحالات: يجوز الإفطار، وتقضي المرأة الأيام بعد الشفاء.

✅ مرض مزمن:

مثل:

السكري غير المنتظم.

الفشل الكلوي.

أمراض القلب الحادة.

أمراض تتطلب أدوية متكررة في النهار.

→ في هذه الحالة: تُفطر ولا تقضي، وإنما تُطعم عن كل يوم مسكينًا.

٣. هل يُشترط إذن الطبيب للإفطار؟

نعم، في بعض الحالات.

إذا لم تكن المرأة متأكدة من تأثير الصيام، يجب أن تستشير طبيبًا مسلمًا ثقة، أو طبيبًا يُفهمها طبيعة المرض، ثم تُقرّر بناء على ذلك.

القاعدة: الإفطار جائز إذا قرّر الطبيب أن الصيام يُضعف المرأة أو يضر بجسدها؟

٤. هل تأثم المرأة إذا أفطرت بسبب المرض؟

لا.

بل إن الإفطار في حالة المرض عبادة إذا كان الصيام فيه ضرر.

والله لا يُريد من عبده أن يُرهق نفسه، بل أن يعبده على قدر استطاعته.

٥. ماذا لو صامت المرأة وهي مريضة وتفاقم مرضها؟

في هذه الحالة تكون قد قصّرت في حق نفسها، ويُكره لها أن تواصل الصيام.

ترك الإفطار رغم وجود الرخصة، مع الضرر، لا يدل على قوة إيمان، بل على جهل أو تشدد.

٦. كيف تُقضي المرأة المريضة صيامها؟

إذا كان المرض مؤقتًا: تنتظر حتى تشفى، ثم تقضي الأيام بالتدريج.

إذا كان المرض مستمرًا لعدة شهور: تُقسّم الأيام على السنة.

إذا كان مزمِنًا: تُطعم عن كل يوم مسكينًا دون صيام.

٧. كم مقدار الفدية؟

إطعام مسكين واحد عن كل يوم، ويُقدّر الطعام بوجبة مشبعة (مثل غداء أو عشاء)، أو دفع ما يُعادلها نقدًا للفقراء.

وتُخرجها المرأة دفعة واحدة في نهاية رمضان، أو تُخرجها يومًا بيوم.

٨. ماذا عن المرض النفسي؟

إذا كان المرض النفسي حادًا:

اكتئاب يمنع من النوم أو التركيز.

نوبات هلع أو قلق تمنع من الصيام بشكل آمن.

→ فللمرأة أن تُفطر وتُؤجل القضاء.

أما إذا كان المرض النفسي مستقرًا تحت العلاج، فتُعامل المرأة بحسب حالتها البدنية والنفسية مجتمعة.

٩. هل يجوز الجمع بين نية الصيام وتناول الدواء؟

لا، لا يصح الصيام مع تناول الأدوية التي تُبطل الصيام (سواء أدوية فموية أو مغذية عبر الوريد).

أما إذا كانت أدوية لا تفطر (مثل بخاخ الربو، أو قطرة العين)، فصيام المرأة صحيح.

١٠. متى تمتنع المرأة عن الصيام فورًا؟

إذا أُصيبت بالإغماء أو فقدت الوعي.

إذا شعرت بهبوط حاد يهدد توازنها.

إذا طلب الطبيب الإفطار فورًا.

إذا كانت بحاجة لدواء فوري في وقت الصيام.

لا تتردد. فالإفطار في هذه الحالات عبادة مأجورة، وليس تقصيرًا.

١١. المرأة التي تتعالج بأدوية في أوقات محددة

بعض النساء يتناولن أدوية لا يمكن تأخيرها إلى الليل، مثل:

أدوية الضغط.

أدوية القلب.

أدوية الغدة الدرقية.

المضادات الحيوية ذات التوقيت الدقيق.

في هذه الحالة، إذا تعذر تأجيل الدواء أو تقليصه بإشراف طبي، يجوز لها الإفطار دون تردد، وتُقضي الأيام لاحقًا إن كان المرض مؤقتًا، أو تُطعم إن كان مزمنًا.

صيام المرأة المريضة: ما يجوز وما لا يجوز
صيام المرأة المريضة: ما يجوز وما لا يجوز

١٢. هل الفطر في الأيام الأولى من المرض يكفي؟

إذا استمرت المرأة في المرض بعد الإفطار لأيام أو أسابيع، فالفطر مباح طوال فترة المرض.

لا يُشترط أن تُفطر يومًا واحدًا فقط، بل ما دامت الحالة مستمرة وتُرهقها الصيام، تُفطر كل يوم يلزمها فيه العلاج أو الراحة.

١٣. الإفطار في أمراض الدورة الشهرية المؤلمة

بعض النساء يعانين من آلام شديدة قبل أو أثناء الدورة، مثل:

النزيف الغزير.

التقلصات المؤلمة.

حالات فقر الدم الناتجة عن النزف.

في هذه الحالة، إذا وصلت المرأة إلى حد الإعياء أو دوار حاد، لها أن تُفطر، حتى لو لم يكن قد نزل الحيض بعد، لكن بشرط أن تُراجع الطبيب وتتحقق من كونها في حالة صحية تتطلب الفطر.

١٤. هل تأثم إن أفطرت احتياطًا للمرض؟

إذا أفطرت المرأة عن خوف حقيقي أو بناءً على تجربة سابقة أو توصية طبية، فلا تأثم إطلاقًا، حتى لو تبين لاحقًا أنها كانت تستطيع الصيام.

المعيار هو النية والسبب المشروع في وقت القرار، لا النتيجة.

١٥. هل تُجمع النية بين الفطر والصوم في وقت المرض؟

لا يجوز التردد.

إذا قررت المرأة الإفطار لأنها مريضة، فلا تصح نيتها في الصيام.

الصيام عبادة لا بد فيها من نية واضحة وجازمة قبل الفجر، أما من تتردد أو تنوي الفطر بسبب المرض، فصيامها لا يصح.

✅ الخاتمة النهائية للمقال

صيام المرأة المريضة ليس مسألة تحدٍّ مع الذات، بل هو قرار شرعي يوزن بميزان العقل والرحمة.

الله لم يفرض علينا الصيام لنهلك، بل لنرتقي.

والمريضة التي تُفطر بيقين، وتُؤخر صيامها برضى، تُرضي الله تمامًا كما ترضيه بالصيام.

نيتك هي مقياس أجرك.

والله أرحم بك من نفسك.

إن استطعتِ الصيام فذلك خير، وإن أفطرتِ بعذر فذلك طاعة، وإن لم تقدري على القضاء، فالله لا يضيع أجرك ولو أطعمتِ عن كل يوم.

✅ خاتمة المقال

الصيام ليس معركة ضد الجسد، بل عبادة قائمة على التوازن بين الروح والبدن.

والمرأة المريضة لا تُنقص من إيمانها إذا أفطرت بعذر، بل تُضاعف أجرها بالنية والطاعة، وتُعوّض ما فاتها في وقت يُناسب حالتها.

تذكّري دائمًا: دينك مبني على الرحمة، لا على الضغط.

فإن لم تستطيعي الصيام، فافطري. وإن استطعتِ بعد ذلك، فقضي. وإن لم تستطيعي القضاء، فأطعمي.

وفي كل حال: لكِ أجر، ورحمة، وبركة من رب العالمين.

https://monthramadan.com

مزيد من الخواطر الرمضانية