صيام الحائض والنفساء
صيام الحائض والنفساء: متى تفطر المرأة؟
صيام رمضان فريضة عظيمة، لكن الله تعالى برحمته خفف عن النساء بعض الأحكام حين تمرّ بظروف جسدية خاصة، مثل الحيض أو النفاس. هذا المقال يُفصّل متى تفطر المرأة بسبب الحيض أو النفاس، وما يترتب عليها من واجبات، بلغة بسيطة وموثوقة.
١. هل الحائض تصوم؟
لا.
إذا نزل دم الحيض على المرأة، لا يجوز لها الصيام. حتى لو حاولت أن تمتنع عن الطعام والشراب من الفجر للمغرب، فإن صيامها لا يُقبل شرعًا.
وجود دم الحيض يُفسد الصيام، ويُبطل النية.
قالت عائشة رضي الله عنها:
“كنا نحيض على عهد رسول الله ﷺ، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.”
– رواه البخاري ومسلم.
وهذا الحديث دليل واضح أن الحائض لا تصوم، وتقضي الأيام بعد رمضان.
٢. متى تفطر المرأة الحائض؟
تفطر فور نزول أول قطرة دم، ولو كانت في آخر لحظات النهار.
إذا نزل الحيض قبل المغرب بلحظة واحدة: يُفطر الصيام.
إذا نزل قبل الفجر: لا تنوي الصوم أصلًا.
إذا جاء بعد أذان المغرب: يُحسب صيامها صحيحًا.
المرجعية هنا: توقيت نزول الدم، لا الإحساس به أو الألم.
٣. ماذا لو نزل الدم في منتصف اليوم؟
يُعتبر اليوم باطلًا. يجب عليها أن تفطر فورًا، وتمتنع عن مواصلة الصيام، لأنه لا يجوز صيام الحائض.
ثم تقضي هذا اليوم بعد رمضان.
٤. متى يجب على المرأة استئناف الصيام؟
إذا تطهرت قبل أذان الفجر، يجب أن تنوي الصيام وتبدأ يومها كأي صائم.
وإن تأخر الغُسل إلى ما بعد الفجر فلا حرج، المهم أنها طهرت قبل دخول الوقت.
قال الإمام النووي: “لو طهرت الحائض في الليل ونوت الصيام، صح صيامها، ولو اغتسلت بعد الفجر.”
٥. ماذا عن النفاس؟
النفاس هو الدم الذي ينزل من المرأة بعد الولادة
أقصى مدة للنفاس: أربعون يومًا.
إذا طهرت قبل الأربعين، يجب عليها الصيام والصلاة.
إذا استمر الدم بعدها، يُعتبر استحاضة، وتُعامل معاملة الطاهرة.
النفاس مثل الحيض تمامًا في حكم الصيام: لا يجوز، ويُقضى لاحقًا.
٦. علامات الطُهر التي تُمكّن المرأة من الصيام
المرأة لا تبدأ الصيام إلا بعد الطهر الكامل، والذي له علامتان:
الجفاف التام (لا ترى أي أثر للدم أو الإفرازات).
أو القَصّة البيضاء (سائل أبيض نقي ينزل في آخر الحيض).
بدون واحدة من هاتين العلامتين، لا يجوز أن تصوم، حتى لو انقطع الدم فترة قصيرة.
٧. ماذا لو ظنت أنها طهرت ثم نزل الدم مرة أخرى؟
في هذه الحالة يعود الحكم السابق: متى ما عاد الدم وظهرت علاماته المعروفة، تبطل نيتها وتُفطر.
ولا تُحسب لها الأيام التي صامتها في وجود الدم.
٨. هل تأثم المرأة إذا صامت وهي حائض أو نفساء؟
نعم، إذا كانت تعلم الحكم الشرعي، فإنها تأثم بمحاولة الصيام، لأنه معصية صريحة.
أما إن كانت تجهل الحكم، فلا إثم عليها، لكنها تقضي الصيام.
٩. هل على المرأة الحائض كفارة إذا أفطرت؟
لا. الإفطار بسبب الحيض أو النفاس لا يستلزم كفارة، بل فقط القضاء بعد رمضان.
الكفارة لا تجب إلا في حال الإفطار عمدًا بغير عذر شرعي (مثل الأكل أو الجماع).
١٠. ما الأجر الذي تأخذه المرأة رغم فطرها؟
المرأة التي تفطر لعذر شرعي كالحائض أو النفساء، لها أجر نيتها، وأجر الطاعة لله.
بل إن امتناعها عن الصيام في وقت الحيض هو عبادة بحد ذاته، لأنها التزمت بما أمر الله.
قال ابن القيم: “ترك العمل لعذر هو من العمل، إن صحّت النية.”
١١. ماذا تفعل المرأة التي طهرت نهارًا؟
إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس أثناء النهار، فليس عليها أن تُكمل الصيام في ذلك اليوم.
بل يجب أن:
تغتسل وتُصلّي بقية الصلوات.
وتفطر، لأن صيام اليوم غير صحيح، لكنها تُؤجر على سرعة الطهارة والرجوع للعبادة.
ويجب عليها قضاء هذا اليوم بعد رمضان.
١٢. ما الحكم إذا لم تُميّز المرأة بين الطهر وعدمه؟
بعض النساء لا يميزن بدقة بين انتهاء الحيض واستمرار الإفرازات، خاصة إذا كان الدم خفيفًا أو متقطعًا.
هنا القاعدة:
لا تصوم المرأة إلا بعد أن ترى علامة الطهر الأكيدة: القصة البيضاء أو الجفاف التام.
إذا اختلط الأمر، يمكنها الانتظار حتى تتأكد.
الصيام في وقت الحيض غير جائز، وإن صامت دون طهر، لا يُقبل منها الصيام.
١٣. هل تُجبر المرأة على الصيام في وقت العذر؟
لا. بل من المعصية أن تُجبر المرأة على الصيام وهي حائض أو نفساء.
العبادة لا تصح بالإكراه، والله لا يُكلّف المرأة في هذا الوقت بالصيام أصلًا. بل يطالبها فقط بالقضاء لاحقًا.
لا يجوز للزوج أو الأسرة أن يضغطوا على المرأة لتُخفي دورتها أو تصوم على غير حق.
١٤. هل صيام الحائض يُبطل اليوم كله؟
نعم.
إذا نزل الحيض في أي لحظة من اليوم، يُبطل صيام ذلك اليوم بالكامل، حتى لو صامت 15 ساعة.
ولا يُحتسب لها أجر الصيام، لأن الصوم لم يكن صحيحًا شرعًا.
وهذا من يسر الشريعة: أن تعبد المرأة ربها على علم، لا على مشقة وتكلف.
١٥. هل يجوز أن تصوم المرأة إن لم تنزل الدورة لكنها تتوقعها؟
نعم، يجوز.
لا يُمنع الصيام لمجرد التوقع أو الشعور بقرب الحيض.
إذا لم ينزل الدم، فالصيام صحيح.
أما إذا نزل أثناء النهار، فتبطل نيتها وتُفطر فورًا.
خاتمة المقال
المرأة المسلمة تعيش مع صيام رمضان في دائرة من الطاعة والرفق. الشريعة وضعت لها أحكامًا واضحة تُراعي فطرتها، وتحمي صحتها، وتضمن لها الأجر الكامل دون عناء زائد.
الحيض والنفاس ليسا عيبًا، بل جزء طبيعي من حياة كل امرأة، والإفطار في هذه الحالة عبادة لا تُنقص من الثواب.
الواجب على المرأة أن:
تتعلم الأحكام بدقة.
تتصرف بما أمر الله.
تقضي ما فاتها في الوقت المناسب.
وتحتسب الأجر في كل لحظة، سواء صامت أو أفطرت بعذر شرعي.
✅ الخلاصة
المرأة تفطر في رمضان إذا نزل دم الحيض أو النفاس. ولا يجوز لها الصيام حتى تطهر وتُكمل الغُسل. الإسلام لم يضيق عليها، بل راعى طبيعتها وجعل لها حكمًا خاصًا يحفظ كرامتها وصحتها.
المهم أن تلتزم بالعلم، والدقة، والنية الخالصة، حتى تُؤجر من الله أجرًا كاملًا.