رمضان عبر التاريخ

أحكام صيام المرأة

أحكام صيام المرأة في رمضان

يُعد صيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة، وتُكلَّف به المرأة المسلمة عند البلوغ، مثلها مثل الرجل. إلا أن هناك أحكامًا شرعية خاصة بصيام المرأة، ترتبط بطبيعتها الجسدية وظروفها الخاصة. في هذا المقال نعرض أهم هذه الأحكام بأسلوب مبسّط، مدعوم بأدلة فقهية.

١. النية شرط أساسي لصحة الصيام

المرأة مثل الرجل، لا يصح صيامها دون نية. يجب أن تنوي صيام كل يوم من أيام رمضان قبل الفجر، ولو في قلبها. ولا يشترط التلفظ بها. من الأفضل أن تعزم نية الصيام من الليل لكل يوم على حدة.

قال النبي ﷺ: “من لم يُبيّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له” – رواه النسائي.

٢. الطهارة من الحيض والنفاس شرط لصحة الصيام

لا يصح صيام المرأة إذا كانت في حالة حيض أو نفاس، حتى وإن نوت الصوم. فإن صامت وهي على غير طُهر، فصيامها باطل وعليها القضاء فقط، دون كفارة. ويُحرَّم عليها الصيام حتى ترى الطهارة الكاملة (انقطاع الدم وظهور القَصّة البيضاء أو الجفاف التام).

عن عائشة رضي الله عنها: “كنا نحيض على عهد رسول الله ﷺ، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة” – متفق عليه.

٣. قضاء الصوم واجب على من أفطر بسبب العذر الشرعي

إذا أفطرت المرأة في رمضان بسبب الحيض أو النفاس، فعليها قضاء الأيام بعد رمضان، ولا يجوز لها التأخير من دون عذر. ويُفضّل أن تبادر بالقضاء قبل حلول رمضان التالي.

قال ابن قدامة: “ولا يجوز لها تأخير القضاء إلى رمضان آخر إن أمكنها القضاء.”

٤. متى يجب على المرأة الإفطار؟

على المرأة أن تفطر إذا نزل عليها دم الحيض أو النفاس، ولو قبل المغرب بلحظة. صيامها ذلك اليوم غير صحيح ويجب عليها قضاؤه لاحقًا. كما يجب أن تنوي الإفطار مباشرة إذا رأت علاماته.

٥. متى يجوز للمرأة الإمساك دون صيام؟

بعض النساء يشعرن بأعراض الحيض لكن الدم لم ينزل بعد. في هذه الحالة، تمسك وتصوم حتى ترى الدم فعليًا. مجرد الألم أو التقلصات لا تُبطل الصيام.

٦. الاستحاضة لا تُبطل الصيام

المرأة التي تعاني من نزيف غير منتظم (الاستحاضة) تصوم وتُصلّي، لأن دم الاستحاضة لا يُعدّ حيضًا ولا يمنع من العبادات. عليها فقط أن تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها.

٧. استخدام الحبوب لتأخير الحيض

يجوز للمرأة استخدام حبوب منع الحيض في رمضان إذا كان ذلك لا يضر بصحتها، وبموافقة طبيب. وقد تفعل ذلك لتتمكن من صيام الشهر كاملًا. لكن يُستحسن ترك الأمر على طبيعته والرضا بما كتبه الله.

٨. الإفطار بسبب المرض أو الحمل أو الرضاعة

إذا كان الصيام يُجهد المرأة أو يضر بها أو بجنينها أو رضيعها، فلها أن تفطر وتقضي لاحقًا. وفي حالة المرض المزمن، تسقط عنها فريضة الصيام وتُطعم عن كل يوم مسكينًا.

٩. صيام النفساء: لا يصح قبل الطُهر الكامل

المرأة النفساء لا تصوم حتى ترى الطهر التام، ولو انقطع الدم مبكرًا. فإن تطهرت خلال رمضان، وجب عليها الصيام في الأيام التالية، وقضاء ما فاتها.

١٠. الإفرازات المهبلية لا تُفطر

بعض النساء يعتقدن أن الإفرازات الطبيعية تنقض الصيام. هذا غير صحيح، فهذه الإفرازات لا تُفطّر ولا تؤثر على صحة الصيام.

١١. حكم الإفطار بسبب الدورة غير المنتظمة

بعض النساء يعانين من عدم انتظام في الدورة الشهرية، مما يُسبب لهن حيرة: هل ما تراه من دم يُعتبر حيضًا أم لا؟

في هذه الحالة يجب الرجوع إلى العادة الشهرية المنتظمة السابقة. فإذا تجاوز الدم المعتاد عددًا من الأيام، فالباقي يُعتبر استحاضة، ويجب على المرأة الصوم فيه والصلاة، مع الالتزام بالوضوء لكل فرض.

مثال: امرأة عادتها ٦ أيام، وفي أحد الأشهر استمر الدم ٩ أيام، فتُفطر فقط في الأيام الستة الأولى، ثم تعتبر اليوم السابع وما بعده استحاضة، وتصوم وتُصلّي.

١٢. هل يجوز الصيام مع وجود إفرازات أو قطرات بسيطة؟

نعم. الإفرازات العادية، أو نزول بعض القطرات غير المنتظمة، لا تُبطل الصيام ما لم تكن دم حيض معروف بلونه ورائحته.

القاعدة: ليس كل دم يُفطر المرأة، بل فقط دم الحيض أو النفاس الصحيح شرعًا.

١٣. العلاقة بين الصيام والعاطفة والضغط النفسي

الصيام ليس فقط امتناعًا عن الطعام والشراب، بل هو تهذيب للنفس وضبط للسلوك. وهذا يشمل المزاج، الانفعالات، والعلاقات داخل البيت. المرأة التي تصوم قد تمر بتقلبات في المشاعر، خاصة مع مسؤولياتها الكثيرة.

الصبر، والهدوء، واحتساب الأجر، من علامات الصيام الصحيح.

قال النبي ﷺ: “إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب…” – متفق عليه.

أحكام صيام المرأة

١٤. هل يجوز تأخير الغُسل من الحيض بعد الفجر؟

نعم، يجوز. إذا تطهرت المرأة قبل أذان الفجر، لكن لم تغتسل إلا بعد الأذان، فصيامها صحيح. المهم أن تكون قد طهرت قبل الفجر، أما الغُسل فيمكن أن يتم بعده.

١٥. المرأة التي تتعمد تأخير القضاء بعد رمضان

إذا مر رمضان ولم تقض المرأة ما فاتها من صيام دون عذر، فإن عليها قضاء الصيام + كفارة إطعام مسكين عن كل يوم تأخرته.

أما إن أخّرت القضاء بعذر (مرض، حمل، رضاعة…) فلا كفارة، وإنما القضاء فقط.

١٦. أفضل وقت لقضاء الصيام

يُستحب للمرأة أن تبادر بقضاء الصيام بعد انتهاء رمضان مباشرة، قبل أن تنشغل أو يدخل عليها رمضان التالي. ولا يُشترط التتابع في القضاء، بل يجوز أن تقضي متفرقًا.

١٧. هل يجوز صيام النافلة قبل قضاء رمضان؟

الأفضل أن تبدأ بقضاء الفرض، لكن يجوز أن تصوم النوافل (مثل الست من شوال) قبل أن تقضي، بشرط ألا يتأخر القضاء عن وقته بلا عذر.

١٨. المرأة والاحتساب في الصيام

مهما كثرت مسؤولياتها، فإن نية المرأة في الصيام والقيام بكل أعمالها اليومية لوجه الله، يجعلها في أجر مستمر.

المرأة التي تُحضّر الطعام لعائلتها، تُربّي أطفالها، وتُعين زوجها، كلها أعمال لها أجر الصائم القائم إذا احتسبتها لله.

قال النبي ﷺ: “إنما الأعمال بالنيات…” – متفق عليه.

✅ الخلاصة النهائية

صيام المرأة في رمضان يُراعي خصائصها الفطرية والبدنية. الشريعة جعلت الحيض والنفاس عذرًا مقبولًا، وأعطت المرأة فسحة من الرحمة، دون أن تُنقص من أجرها شيئًا. المطلوب من المرأة فقط هو الالتزام بالنية، التعلم الصحيح، وقضاء ما فاتها في الوقت المناسب.

https://monthramadan.com

مزيد من الخواطر الرمضانية