أسباب المغفرة في رمضان
المغفرة في رمضان
*الخطبة الأولى
الحمد لله الذي اختصَّ شهر رمضان بالبركة والمغفرة، وجعل فيه القرآن نورًا وهدًى للناس، وأودع فيه أسباب العفو والرضوان. نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، خير من أدى الأمانة وبلغ الرسالة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون، وكونوا على طاعته ثابتين، فلا تغادروا الدنيا إلا وأنتم على الإسلام والإيمان.
يا أمة محمد ﷺ:
وقف النبي ﷺ على المنبر، فصعد درجةً وقال: “آمين”، ثم صعد الثانية فقال: “آمين”، ثم صعد الثالثة فقال: “آمين”. فتعجَّب الصحابة، وسألوه عن سرِّ ذلك، فقال: “أتاني جبريل فقال: رغم أنف من ذُكرت عنده فلم يصلِّ علي، فقلتُ: آمين. ثم قال: رغم أنف من أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة، فقلتُ: آمين. ثم قال: رغم أنف من أدرك رمضان فلم يُغفر له، فقلتُ: آمين”.
يا عباد الله، تأملوا هذا الحديث العظيم، كيف أن خسارة المغفرة في رمضان تُعدُّ من أعظم الخسائر! إن هذا الشهر المبارك مليءٌ بالنفحات الإلهية، فمن اغتنمها فاز، ومن أضاعها خسر خسارةً لا تعوَّض.
رمضان هو شهر المغفرة، أكرمنا الله فيه بفرص لا تُحصى للتقرب إليه، فمن صام إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام لياليه بخشوع وإخلاص كُتبت له المغفرة، ومن شهد ليلة القدر مخلصًا لوجه الله نال غفران ما مضى من خطاياه.
أيها الصائمون، لتكن نياتكم خالصةً لله في صيامكم وقيامكم، واجعلوا صيامكم مقرونًا بالإيمان والاحتساب، طمعًا في عفو الله ورحمته. يقول النبي ﷺ: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه”.
ومن أسباب الرحمة في هذا الشهر: صلاة التراويح والتهجد، إذ يُبشَّر من قام رمضان بأن يُكتب من العابدين المخلصين، فيقول ﷺ: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه”.
اغتنموا الفرصة، وكونوا من الساعين إلى المغفرة، وأكثروا من الدعاء عند الإفطار، وكونوا في صفوف العابدين الذاكرين، تفوزوا برحمة الله.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم
*الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أكرمنا بنعمه، وأغدق علينا بفضله وإحسانه، نحمده ونشكره على ما أنعم به علينا من الهداية والرشاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
عباد الله، لا تزال الفرص متاحة لنيل المغفرة، فمن الأسباب العظيمة لمغفرة الذنوب:
1. الوضوء الصحيح والخروج إلى المسجد للصلاة، فقد أخبر النبي ﷺ أن من توضأ وأحسن وضوءه ثم خرج للصلاة، غُفرت ذنوبه.
2. انتظار الصلاة في المسجد، فهو في عبادة ودعاء الملائكة له بالمغفرة.
3. إفطار الصائمين، فمن فرَّج عن مسلم كربةً، فرَّج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة.
تأملوا حديث النبي ﷺ حين قال عن امرأةٍ بغيٍّ غفر الله لها لأنها سقت كلبًا، فكيف بمن يُحسن إلى عباد الله ويساعد الفقراء والمحتاجين في رمضان؟
أيها المسلمون، إذا كانت هذه الأبواب مفتوحة أمامنا، فكيف نخسر رمضان دون مغفرة؟ إن الله تعالى قد فتح لنا في هذا الشهر الكريم أبواب الخير، فهل نبقى غافلين عنها؟
اللهم اجعلنا من المغفور لهم في رمضان، ومن عتقائك من النار، اللهم أعنَّا على الصيام والقيام، وتقبَّل أعمالنا يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون، إن الله أمرنا بالصلاة والسلام على نبيه فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واذلَّ الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، وأمِّن بلاد المسلمين، وأصلح ولاة أمورهم، واهدِهم لما تحب وترضى.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن الفحشاء والمنكر، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون
يا عباد الله،
إن من أعظم أسباب المغفرة في رمضان إطعام الطعام، فهو من الأعمال التي يحبها الله، فقد قال النبي ﷺ:
“في كل كبد رطبة أجرٌ”،
فإذا كان الإحسان إلى الحيوان سببًا للمغفرة، فكيف بمن يسعى لإطعام الفقراء والمساكين وصنع موائد الإفطار للصائمين؟
وكذلك الصدقة في رمضان لها فضل عظيم، فقد كان النبي ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فكان أجود بالخير من الريح المرسلة. فالصدقة تطفئ غضب الرب، وتكفِّر الذنوب، وتفتح أبواب الجنة، فلا تبخلوا على أنفسكم بالخيرات.
عباد الله، اغتنموا رمضان، فهو موسم التجارة مع الله، وأيام الرحمة والغفران، وليالي العتق من النيران. لا تضيعوا فرصة أن تكونوا من الفائزين.
اللهم اجعلنا من المقبولين في هذا الشهر المبارك، واغفر لنا ذنوبنا، واعتق رقابنا من النار، ووفقنا لصيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا يا أرحم الراحمين.
أيها الأحبة في الله،
إن الله أمرنا بأمر عظيم ألا وهو الصلاة على نبيه المصطفى محمد ﷺ، فقال:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمِنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلح ولاة أمورنا، ووفِّقهم لما تحب وترضى، واجعل ولايتنا فيمن يخافك ويتبع رضاك، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
عباد الله
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين