ثمار رمضان

ثمار رمضان

ثمار رمضان 

بعد أن انقضى شهر رمضان، ينبغي للمسلم أن يستشعر أثر الطاعات التي أداها خلاله، وألا يجعل وداعه لهذا الشهر وداعًا للأعمال الصالحة، بل يستمر في طريق العبادة والالتزام، متذكرًا أن أبواب الخير مفتوحة في كل وقت، وأن الله سبحانه وتعالى يحب العبد الذي يثبت على الطاعة، ولا يكون من أولئك الذين لا يعرفون العبادة إلا في رمضان.

التقوى ثمرة رمضان العظيمة

لقد كان الهدف الأساسي من الصيام كما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، فالتقوى هي الغاية الكبرى التي يجب أن يحملها المسلم معه بعد رمضان، وأن يجعلها مقياسًا لأفعاله وتصرفاته، حتى يكون من أهل الفوز في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13].

كيف نحافظ على روحانية رمضان بعد انتهائه؟

للمحافظة على أثر رمضان في حياتنا، علينا اتباع بعض الأمور التي تعين على الثبات، ومنها:

1. المداومة على الصيام: فمن صام رمضان ثم أتبعه بصيام ستة أيام من شوال، كُتب له أجر صيام الدهر كله، كما جاء في الحديث الصحيح.

2. الاستمرار في قيام الليل: ولو بركعتين، فإن قيام الليل عبادة عظيمة تورث النور في القلب والقرب من الله.

3. المحافظة على ورد يومي من القرآن: فكما كان المسلم يحرص على تلاوة القرآن في رمضان، يجب أن يبقى مرتبطًا به بعده، فإن القرآن هو منهج حياة المؤمن.

4. المواظبة على الذكر والاستغفار: فمن كان لسانه رطبًا بذكر الله، كان قلبه عامرًا بالإيمان.

5. الحرص على الصدقة والإحسان: لأن الله يحب المتصدقين، والإنفاق في سبيله سبب للبركة وزيادة الرزق.

6. ملازمة الصحبة الصالحة: فالصحبة الصالحة تعين على الثبات، وتحفّز المسلم للاستمرار في الطاعات.

المسلم يعلم أن العبرة ليست بكثرة الطاعات في مواسم معينة فقط، بل بحسن الخاتمة والاستمرار على الطاعة حتى لقاء الله، ولهذا جاء التوجيه الإلهي: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: 99]، أي حتى يأتيك الموت وأنت على طاعة.

نسأل الله أن يجعلنا من الثابتين على طاعته، ومن الذين تُقبل أعمالهم، وألا يجعلنا ممن يعبدونه في رمضان فقط ثم يتركون الطاعات بعده.

اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، فغفرت لهم ذنوبهم، ووفقتهم للخير، وثبّتهم عليه حتى يلقوك وأنت راضٍ عنهم.

ما بعد رمضان بداية لا نهاية

إن وداع شهر رمضان لا يعني وداع الطاعات، بل ينبغي أن يكون انطلاقة جديدة في طريق الاستقامة، فكما أن الله سبحانه وتعالى كان مع العبد في رمضان، فهو معه بعده، يراه ويسمعه، ويعلم سرَّه ونجواه، فالسعيد حقًا هو من واصل السير في طريق الهداية ولم يقطع صلته بالله بعد انتهاء الشهر الكريم.

الاستمرار في الأعمال الصالحة

إن من علامات قبول الطاعة أن يوفق الله العبد للاستمرار عليها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الأعمال التي تستمر ولو كانت قليلة، كما قال: “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل” (رواه البخاري ومسلم).

ولذلك، ينبغي على المسلم أن يحرص على بعض الأعمال التي تعينه على الثبات بعد رمضان، ومنها:

1. الاستغفار بعد الطاعة: فقد كان الصحابة يستغفرون الله بعد رمضان، خشية التقصير فيه.

2. محاسبة النفس: بالنظر في الأعمال الماضية، والإكثار من الدعاء بالثبات على الطاعة.

3. عدم التساهل في الطاعات: فالتهاون قد يكون بداية للانتكاس، والمسلم الحصيف هو من يحرص على المحافظة على ما اعتاده من عبادات.

احذر من انتكاسة ما بعد رمضان

من المؤسف أن نجد بعض الناس يجتهدون في رمضان، ثم بمجرد انتهائه يعودون إلى الغفلة والبعد عن الله، ويتركون ما كانوا عليه من الطاعة، وكأنهم لم يذوقوا حلاوة العبادة! وهذا حال من قال عنهم الله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا﴾ [النحل: 92]، أي لا تهدموا ما بنيتم، ولا ترجعوا إلى ما كنتم عليه من التقصير.

ثمار رمضان
ثمار رمضان
وداعًا رمضان ولكن بقاء الطاعة مستمر

نودع رمضان ونحن ندرك أنه كان مدرسة لتعليمنا الصبر والطاعة، وتهذيب النفس، وزيادة القرب من الله، فهنيئًا لمن اغتنمه بالطاعات، وخاب وخسر من خرج منه دون أن يغفر له.

نسأل الله أن يجعلنا من المقبولين، وأن يرزقنا الثبات بعد رمضان، وأن يمنَّ علينا بحسن الخاتمة، والفوز بجنات النعيم.

اللهم اجعلنا ممن صام رمضان وقامه إيمانًا واحتسابًا، وممن كتبت له العتق من النيران، وثبّتنا على طاعتك حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مزيد من الخواطر الرمضانية