يا رمضان تمهّل فقد فاضت دموع المُحبّين شوقًا
العشر الأواخر من رمضان: فرصة لا تعوّض
ها هو شهر رمضان قد مضى معظمه، ولم يتبقَ منه إلا أيام معدودة، لكنها أيام عظيمة القدر، فهي العشر الأواخر التي تحوي ليلة هي خير من ألف شهر.
فلنغتنم هذه الفرصة الثمينة، فإذا كنتِ قد قصّرتِ فيما مضى، فما زال لديكِ وقتٌ لتعويض ما فات. لا تدعي هذه الأيام تمر دون أن تبذلي جهدكِ في الطاعة والعبادة.
توقفي للحظة وتأملي، كيف كان حالكِ في الأيام الماضية؟ هل كنتِ حريصة على قيام الليل؟ وهل كان قيامًا خاشعًا مليئًا بالخشوع والإنابة، أم مجرد أداءٍ روتيني؟
هل شعرتِ بلذة القرب من الله في سجودكِ؟ هل وجدتِ في الدعاء سكينة وراحة؟ كم مرة أتممتِ قراءة القرآن؟ هل كنتِ تقرئينه بخشوع وتدبّر، أم بسرعة دون تأمل؟
كم من الأعمال الصالحة قمتِ بها بإخلاص؟ هل حرصتِ على برّ والديكِ، تفطير الصائمين، التصدّق، وغيرها من الطاعات؟ هل كنتِ تستغلين وقت الإفطار بالدعاء، أم كان وقتًا للانشغال بأمور أخرى؟
حان الوقت الآن لمحاسبة النفس بصدق، فما زالت الفرصة أمامكِ. إن كنتِ قد أحسنتِ في الأيام الماضية، فاحمدي الله واسأليه أن يثبتكِ ويزيدكِ قربًا منه. وإن كنتِ قد قصّرتِ، فاعلمي أن الفرصة لا تزال قائمة، فانهضي بهمّة، وتداركي ما فات، واجعلي هذه الأيام القادمة مليئة بالعمل الصالح.
لنُخرج الدنيا من قلوبنا في هذه العشر، ولنجعل شعارنا: “لن يسبقني إلى الله أحد!”
إنها أيام معدودة، ولكن أثرها عظيم، فالمحروم حقًا هو من ضيّعها. فاسألي الله بإخلاص أن يجعلكِ من المقبولين، ولا تؤجلي العمل، فقد لا تتكرر لكِ هذه الفرصة
يا رمضان ترفّق، فقد انهمرت دموع المحبين شوقًا وألمًا لفراقك، لعلها تكون ساعة توبة صادقة، ولعل من تأخر في السباق يلحق، ومن أثقلته الذنوب يُعتق، ومن استوجب النار يُنقذ.
ها نحن في الأيام الأخيرة، حيث تُختتم صفحات هذا الشهر الكريم، وتُرفع الأعمال إلى الله، فليكن ختامها مسكًا، ولنجعلها أيام اجتهاد وعبادة لا مثيل لها. فلنضاعف الجهد، ولنُكثر من الذكر والاستغفار والدعاء، ولنستثمر كل لحظة فيما يرضي الله.
يا أختي، لا تجعلي هذه الأيام تمرّ دون أن تكتبي اسمكِ في قائمة الفائزين، فربما تكون هذه آخر فرصة تُتاح لكِ، وربما لا يُكتب لكِ إدراك رمضان المقبل. اجعلي شعاركِ في هذه العشر: “لعلها ليلة القدر، فلن أضيعها!”
ها هو رمضان يوشك على الرحيل، فهل سنودعه ونحن من الفائزين؟ أم سنندم على لحظات ضاعت دون استغلال؟ لا زال أمامنا القليل، لكنه قليلٌ عظيمٌ عند الله، فليكن سلاحنا في هذه الأيام الدعاء الصادق، والقيام الخاشع، والاستغفار الدائم، والصدقة التي تُطفئ غضب الرب.
يا رب، لا تجعلنا من المحرومين، واكتب لنا في هذه العشر نصيبًا من رحمتك، وعتقًا من نارك، وقبولًا لأعمالنا، وتوفيقًا لما تحب وترضى.
هيا أخيتي، لا تترددي، وارفعي يديكِ إلى السماء، وقولي من أعماق قلبكِ: “وعجلتُ إليك ربي لترضى!”
اللهم اجعلنا من المقبولين في هذا الشهر المبارك، ووفقنا لاغتنام خيره وفضله.
يا رب، لا تجعلنا من المحرومين، واكتب لنا في هذه العشر نصيبًا من رحمتك، وعتقًا من نارك، وقبولًا لأعمالنا، وتوفيقًا لما تحب وترضى.
ها هو رمضان يطوي صفحاته الأخيرة، وقلوب المحبين ترتجف خوفًا من فراقه، فكيف لا نحزن ونحن نودّع شهر الرحمة والغفران، شهر الصفاء والنقاء، شهر العتق من النيران؟ كيف لا نشعر باللوعة وهو يرحل سريعًا، وقد لا يُكتب لنا لقاؤه مجددًا؟

أيام قليلة تفصلنا عن النهاية، ولكنها كفيلة بأن تغيّر مصيرنا إن أخلصنا النية، وأحسنا العمل. فلا وقت للتكاسل ولا مجال للتأجيل، فكل لحظةٍ في هذه العشر فرصةٌ ثمينة، وكل سجدةٍ قد تكون سببًا في مغفرة ذنوبٍ أثقلت كواهلنا.
فلنختم هذا الشهر بتوبة صادقة، ولنحمل قلوبًا بيضاء نقية، متخلصة من كل ذنبٍ ومعصية، ولنتضرّع إلى الله أن يعيننا على طاعته بعد رمضان، فلا نكون من الذين عبدوه شهرًا ثم هجروه باقي العام.
يا رب، اجعلنا من المقبولين، وأكرمنا بليلة القدر، واغفر لنا ذنوبنا كلها، ما ظهر منها وما بطن. اللهم اجعل وداع رمضان وداعًا للذنوب والمعاصي، لا وداعًا للطاعة والقرب، ووفّقنا لمداومة الخير حتى نلقاك وأنت راضٍ عنّا
هيا أخيتي، قبل أن يرحل رمضان، اغتنمي ما تبقى، واستشعري حلاوة القرب من الله، وارفعي صوتكِ بالدعاء: “يا رب، اجعلني ممن كتبت لهم السعادة الأبدية، والفوز برحمتك ورضوانك، واعتق رقبتي من النار.”
يا رمضان ترفّق، فقد انهمرت دموع المحبين شوقًا وألمًا لفراقك، لعلها تكون ساعة توبة صادقة، ولعل من تأخر في السباق يلحق، ومن أثقلته الذنوب يُعتق، ومن استوجب النار يُنقذ.