تراث المصريين في رمضان عادات وتاريخ

روائع وفضائل شهر رمضان المبارك

فضائل شهر رمضان: شهر الخير والبركات

الحمد لله، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم.

إن الله تعالى بحكمته يفضل بعض الأزمان على بعض، فجعل لشهر رمضان مكانة خاصة ومنزلة عظيمة بين الشهور. فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، اختصه الله بفضائل عظيمة وخصائص فريدة، ومنح عباده فيه فرصة عظيمة لمضاعفة الحسنات والتقرب إليه.

في هذا المقال، نستعرض أهم فضائل شهر رمضان المبارك كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية.

1- أبواب الجنة تُفتح في رمضان

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هذا شهر رمضان جاءكم، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتسلسل فيه الشياطين” (رواه أنس رضي الله عنه).

ففي هذا الشهر العظيم، تفتح أبواب الجنة لاستقبال الطائعين، وتغلق أبواب النار، في إشارة إلى رحمة الله الواسعة وعظيم فضله على عباده

2- أول ليلة من رمضان: بداية البركة والمغفرة

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب” (رواه أبو هريرة).

تلك الليلة المباركة هي بداية الرحمة والبركات، ويُنادى فيها: “يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر”، ليكون الشهر فرصة ذهبية لمن أراد التوبة والعودة إلى الله.

3- الصيام سبب لمغفرة الذنوب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر” (رواه مسلم).

رمضان فرصة عظيمة لغفران الذنوب، فمن اجتهد في صيامه وقيامه بإيمان واحتساب، نال رحمة الله وغفرانه.

4- العمرة في رمضان تعدل الحج

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عمرة في رمضان تعدل حجة” (رواه ابن عباس رضي الله عنهما).

وهذا يدل على عظمة العبادة في رمضان، حيث تُضاعف الأجور وتُرفع الدرجات.

5- نزول القرآن في رمضان

قال الله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: 185).

في هذا الشهر المبارك، أنزل الله تعالى كتابه العظيم، ليكون نورًا وهدى للعالمين، مما يضاعف فضل هذا الشهر الكريم.

6- ليلة القدر: خير من ألف شهر

قال الله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ (القدر: 3).

ليلة القدر هي أفضل ليالي السنة، فهي ليلة مباركة تتنزل فيها الملائكة، والعمل الصالح فيها خير من عبادة ألف شهر.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم).

7- صلاة التراويح: عبادة تغفر الذنوب

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه أبو هريرة).

صلاة التراويح من السنن العظيمة التي أجمعت الأمة على فضلها، وهي فرصة لنيل المغفرة والرحمة

8- الاعتكاف: خلوة مع الله

كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، قالت عائشة رضي الله عنها: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده” (رواه البخاري ومسلم).

الاعتكاف فرصة للتفرغ للعبادة والانقطاع عن مشاغل الدنيا، فهو وسيلة لتصفية القلب والتقرب إلى الله.

9- شهر الجود والكرم

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان” (رواه البخاري).

في رمضان، يُستحب الإكثار من الصدقات ومساعدة المحتاجين، فمن فطر صائمًا كان له مثل أجره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء” (رواه الترمذي).

10- رمضان وقاية من النار

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الصيام جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم” (رواه البخاري).

الصيام ليس فقط امتناعًا عن الطعام والشراب، بل هو تهذيب للنفس، ووسيلة للحماية من المعاصي والذنوب.

11- الإكثار من الدعاء في رمضان

رمضان هو شهر الدعاء المستجاب، قال الله تعالى بعد ذكر آيات الصيام: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ (البقرة: 186).

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يُفطر، ودعوة المظلوم” (رواه الترمذي).

فليحرص المسلم على الدعاء في كل وقت، خاصة عند الإفطار، وفي الثلث الأخير من الليل، وليجتهد في سؤال الله الرحمة والمغفرة والعتق من النار

12- زكاة الفطر: طهرة للصائم ومساعدة للمحتاجين

فرض الله زكاة الفطر في نهاية رمضان تطهيرًا للصائم من اللغو والرفث، ومواساةً للفقراء والمحتاجين. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين” (رواه أبو داود).

فهي واجبة على كل مسلم لديه ما يزيد عن حاجته، وتُخرج قبل صلاة العيد حتى تصل إلى مستحقيها، فتكون سببًا في إدخال الفرح والسرور على الفقراء يوم العيد.

13- فرحتان للصائم

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه” (رواه البخاري ومسلم).

هذه الفرحة الأولى تأتي عندما يفطر الصائم بعد يوم طويل من الطاعة والعبادة، وأما الفرحة الكبرى فهي عند لقاء الله يوم القيامة، عندما يرى العبد ثواب صيامه في كتاب حسناته.

14- رمضان مدرسة لتغيير العادات

رمضان ليس فقط شهرًا للعبادة، بل هو فرصة عظيمة لتغيير العادات السيئة، وتعويد النفس على الطاعة والصبر والانضباط. فمن استطاع أن يمتنع عن الطعام والشراب من أجل الله، فهو قادر على الامتناع عن الذنوب والعادات السلبية، مثل التدخين، والتبذير، والغضب، وغير ذلك من العادات التي تؤثر سلبًا على حياة الإنسان.

15- العيد: فرحة بعد الطاعة

بعد انتهاء رمضان، يأتي عيد الفطر ليكون تتويجًا للجهد والطاعة في هذا الشهر المبارك، وهو يوم فرح وسرور شرعه الله للمسلمين ليكون مناسبة للتواصل والتراحم وإدخال السرور على القلوب.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين” (رواه البخاري ومسلم).

وشرع الله في العيد التكبير والتهليل، وصلاة العيد، والتوسعة على الأهل، وزيارة الأقارب، وإفشاء السلام، فالعيد هو فرحة للطائعين وجائزة للصائمين

روائع وفضائل شهر رمضان المبارك
روائع وفضائل شهر رمضان المبارك

ختامًا: كيف نستقبل رمضان؟

مع اقتراب شهر رمضان، يجب على المسلم أن يهيئ نفسه لاستقباله بالنية الصالحة، والعزم على الاستفادة من أيامه ولياليه، وأن يضع لنفسه خطة للعبادة، تشمل:

1. الإكثار من قراءة القرآن والتدبر في معانيه، فهو شهر القرآن.

2. الحرص على الصلاة في أوقاتها، والمداومة على السنن الرواتب وصلاة التراويح.

3. التوبة الصادقة من الذنوب، والإكثار من الاستغفار والدعاء.

4. الصدقة ومساعدة المحتاجين، والتخفيف عن الفقراء والمساكين.

5. صلة الرحم وزيادة الأهل والأقارب، وتعزيز العلاقات الاجتماعية الطيبة.

6. التحكم في النفس، والتدرب على الصبر، والبعد عن الغضب والكلام السيئ.

اللهم بلغنا رمضان، وأعنا على صيامه وقيامه، واجعلنا فيه من المقبولين، ووفقنا لما تحب وترضى، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، آمين.

ولا تنسونا من صالح دعائكم، وكل عام وأنتم بخير.

خاتمة

رمضان شهر عظيم مليء بالخيرات والبركات، وهو فرصة لا تُعوض لتقوية الإيمان، والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة. فلتكن أيامه ولياليه فرصة للطاعة، وليحرص كل مسلم على اغتنامه، سائلين الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعلنا من عتقائه في هذا الشهر المبارك.

اللهم بلغنا رمضان، وتقبله منا بقبول حسن، ووفقنا لقيام ليله وصيام نهاره، واغفر لنا ذنوبنا، واجعلنا من أهل الفردوس الأعلى. آمين.

مزيد من الخواطر الرمضانية