المراهقون في رمضان: بين التحديات والفرص

تصدقوا واغتنموا فضل رمضان

أحسنوا العطاء في شهر الخير

إن شهر رمضان هو موسم البذل والعطاء، وهو فرصة عظيمة للإحسان والإنفاق في سبيل الله، حيث يتجلى فيه الكرم بأروع صوره.

الكرم من صفات الله المحبوبة

الله سبحانه وتعالى جواد يحب الجود، كريم يحب الكرم، وقد ورد في الحديث القدسي:

“يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا في صعيد واحد فسألني كل واحد مسألته فأعطيته إياها، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.” (رواه مسلم)

وهذا تأكيد على أن الإنفاق لا ينقص الرزق، بل يزيده بركة.

رمضان شهر الجود والمغفرة

في هذا الشهر المبارك، يضاعف الله العطاء لعباده في جميع النواحي، سواء كانت مادية أو معنوية. فهو سبحانه يفتح لهم أبواب الرزق، ويوسّع عليهم، ويمنحهم فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب والعتق من النار، كما قال النبي ﷺ:

“لله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة” (رواه الترمذي).

اقتدوا برسول الكرم

كان النبي ﷺ أجود الناس، وكان جوده يتضاعف في رمضان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

“كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة.” (متفق عليه).

الصدق باب الرحمة والتكافل

إن أحد مقاصد الصيام هو أن يشعر الغني بحاجة الفقير، فتتحرك فيه مشاعر الرحمة والإحسان. فالصدقة في رمضان تُزكّي النفس، وتقوّي أواصر الأخوة بين المسلمين، قال تعالى:

“إنما المؤمنون إخوة” (الحجرات: 10).

وقد امتدح الله الأنصار لإيثارهم المهاجرين فقال:

“ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” (الحشر: 9).

أثر الصدقة في حياة المسلم

تكفير الذنوب: قال تعالى: “إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم.” (البقرة: 271).

البركة وزيادة الرزق: قال ﷺ: “ما نقص مال من صدقة.” (رواه مسلم).

النجاة من الكروب: “صنائع المعروف تقي مصارع السوء.” (رواه الطبراني).

الظل يوم القيامة: قال النبي ﷺ: “المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة.” (رواه أحمد).

أنفقوا ولا تبخلوا

إن من ينفق في سبيل الله فهو في الحقيقة يقرض الغني الكريم، الذي يضاعف الأجر، قال تعالى:

“من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه له وله أجر كريم.” (الحديد: 11).

والبخيل إنما يبخل عن نفسه، كما قال سبحانه:

“ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء.” (محمد: 38).

أثر العطاء على المجتمع

إن التصدق والإنفاق في سبيل الله لا يعود بالنفع على الفرد فحسب، بل ينعكس أثره الإيجابي على المجتمع بأسره. فهو يقوّي الروابط الاجتماعية، ويُسهم في تحقيق التكافل بين أفراده، ويخفف من معاناة المحتاجين، مما يُعزز الشعور بالأمان والاستقرار.

الصدقة باب من أبواب الخير الدائم

الصدقة ليست مجرد مساعدة مؤقتة، بل هي استثمار في الآخرة، وقد يكون أثرها ممتدًا حتى بعد وفاة الإنسان، كما قال النبي ﷺ:

“إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.” (رواه مسلم).

أنواع الصدقات في رمضان

1. إطعام الطعام: من أعظم صور العطاء في رمضان تفطير الصائمين، فقد قال النبي ﷺ:

“من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء.” (رواه الترمذي).

2. كفالة الأيتام: قال ﷺ: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا”، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.

3. التبرع للمحتاجين: سواء كان بالمال، أو بالملابس، أو بالأدوية، أو بأي صورة من صور الدعم الممكنة.

4. إعانة الغارمين: مساعدة من أثقلتهم الديون ولم يستطيعوا سدادها.

5. نشر العلم النافع: عبر طباعة المصاحف، وتوزيع الكتب، والمساهمة في المشاريع التعليمية والدعوية.

لا تحقرن من المعروف شيئًا

قد يظن البعض أن الصدقة لا تكون ذات قيمة إلا إذا كانت كبيرة، لكن رسول الله ﷺ قال:

“اتقوا النار ولو بشق تمرة.” (متفق عليه)، أي أن كل معروف مهما كان صغيرًا له أثر وأجر عظيم عند الله.

مواسم العطاء لا تنتهي

وإن كان رمضان هو شهر الكرم والعطاء، إلا أن الجود لا ينبغي أن يكون محصورًا في هذا الشهر فقط، بل يجب أن يستمر طوال العام. فإن احتياجات الفقراء والمساكين لا تتوقف، والعطاء المستمر يُعدّ من علامات الإيمان الصادق وحب الخير للآخرين.

الخاتمة

لنغتنم هذه الأيام المباركة بالتصدق والإنفاق، فإن ما نعطيه هو ما يبقى لنا في صحائف أعمالنا، وما نمسكه سيزول. فليكن شعارنا في هذا الشهر الكريم وفي كل وقت: “تصدقوا.. تصدقوا.. فإن الجود لا ينقص المال، بل يباركه ويزيده، ويرفع الدرجات، ويقرب العبد من ربه.”

تصدقوا واغتنموا فضل رمضان!
تصدقوا واغتنموا فضل رمضان!

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجود والسخاء، وأن يبارك في أموالنا، وأن يعتق رقابنا من النار، إنه سميع مجيب.

الجود خلق عظيم، يزيد صاحبه رفعة في الدنيا، ويكون له ذخراً في الآخرة. فتصدقوا في رمضان وغير رمضان، مدوا يد العون للمحتاجين، وكونوا من الذين يُحبهم الله، فقد قال النبي ﷺ:

“أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس.” (رواه الطبراني).

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجود والإحسان، وأن يكتب لنا الأجر والمغفرة في هذا الشهر المبارك.

مزيد من الخواطر الرمضانية