صيام اللسان

إثبات النفع في أن ليلة القدر قد تكون في الليالي الزوجية!

ليله القدر 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

مسألة ليلة القدر: متى تكون؟

تُعد مسألة تحديد موعد ليلة القدر من المواضيع التي تناولها العلماء على مر العصور، نظرًا لأهميتها العظيمة وفضلها الكبير. وقد أثيرت هذه المسألة بين أهل العلم، فتعددت فيها الآراء والنقول، ومن أبرز من تحدث عنها الإمام ابن تيمية -رحمه الله- الذي أجاب على هذا السؤال وهو في معتقله بقلعة الجبل عام 706هـ.

رأي ابن تيمية في موعد ليلة القدر

يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن ليلة القدر تقع في العشر الأواخر من رمضان، وفقًا لما صح عن النبي ﷺ، حيث قال: “تحروها في العشر الأواخر”. كما أن الأحاديث النبوية تشير إلى أنها تكون في الليالي الوترية، مثل: ليلة 21، 23، 25، 27، و29.

لكن هناك اعتبار آخر للأوتار، فقد تكون بناءً على ما مضى من الشهر، أو ما تبقى منه. فعلى سبيل المثال:

إذا كان الشهر مكتملاً (30 يومًا)، فإن ليلة 22 تُعتبر تاسعةً من النهاية، وليلة 24 سابعة، وهكذا.

أما إذا كان الشهر ناقصًا (29 يومًا)، فإن العد يكون مختلفًا، ويُحتمل أن تكون ليلة القدر في الأشفاع.

وقد روي عن الصحابي أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه شهد تفسير النبي ﷺ لليالي الأخيرة من رمضان بهذا الاعتبار.

علامات ليلة القدر

من العلامات التي وردت في الأحاديث الصحيحة عن ليلة القدر:

1. طلوع الشمس في صبيحتها دون شعاع.

2. أن تكون ليلة هادئة، معتدلة الجو، لا حارة ولا باردة

3. شعور المسلم بطمأنينة وسكينة قلبية في تلك الليلة.

4. قد يفتح الله على بعض الناس برؤية علامات أو إشارات تدل عليها في المنام أو اليقظة.

تنقل ليلة القدر بين الليالي

اختلف العلماء في تعيين ليلة محددة للقدر، فمنهم من رجّح أنها ليلة 27 استنادًا إلى حديث أُبيّ بن كعب، ومنهم من قال إنها تتنقل بين الليالي الوترية، كما قال ابن عثيمين -رحمه الله-:

“الصحيح أنها لا تثبت في ليلة واحدة كل عام، بل قد تكون في إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، وهكذا، مما يحث المسلم على الاجتهاد في العشر الأواخر كلها.”

أهمية الاجتهاد في العشر الأواخر

بغض النظر عن الليلة المحددة، فمن الحكمة أن يجتهد المسلم في العبادة خلال العشر الأواخر كلها، سواء كانت الليالي شفعًا أو وترًا، وذلك لضمان إدراك هذه الليلة المباركة، التي أخبر النبي ﷺ أن “من قامها إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه”.

نسأل الله أن يبلغنا ليلة القدر، وأن يوفقنا لقيامها إيمانًا واحتسابًا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويستر عيوبنا، ويجعلنا من المقبولين عنده.

فضل ليلة القدر وأهميتها في الإسلام

ليلة القدر هي أعظم ليلة في السنة، وقد نزل فيها القرآن الكريم، كما قال الله تعالى:

﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ۝ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ۝ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ۝﴾ [القدر: 1-3]

فهي ليلة تتفوق في فضلها على ثلاث وثمانين سنة من العبادة، ولذلك يُستحب للمؤمن أن يحرص على إحيائها بالصلاة والذكر والدعاء والاستغفار.

أفضل الأعمال في ليلة القدر

حث النبي ﷺ على الاجتهاد في العشر الأواخر، لا سيما في الليالي الفردية، ومن أفضل الأعمال التي يمكن القيام بها في هذه الليلة:

1. قيام الليل: فقد قال النبي ﷺ: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه” [متفق عليه].

2. قراءة القرآن: فهي الليلة التي نزل فيها القرآن، فيستحب تدبر آياته والابتهال بها.

3. الإكثار من الدعاء: خاصة الدعاء الذي أوصى به النبي ﷺ للسيدة عائشة رضي الله عنها:

“اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.

4. الاعتكاف: وهو سنة عن النبي ﷺ، وكان يعتكف في العشر الأواخر، طلبًا لهذه الليلة المباركة.

5. الصدقة والعمل الصالح: لما لها من أجر مضاعف في هذه الليلة.

تحري ليلة القدر في العشر الأواخر

بناءً على الأحاديث النبوية، فإن ليلة القدر تتنقل بين ليالي العشر الأواخر، ولذلك على المسلم أن يجتهد في جميع هذه الليالي، سواء كانت وترية أو شفعية، لضمان إدراكها.

وقد أشار بعض العلماء إلى أن الحكمة من إخفاء موعدها هو دفع الناس للاجتهاد في العبادة وعدم الاقتصار على ليلة واحدة فقط.

إثبات النفع في أن ليلة القدر قد تكون في الليالي الزوجية
إثبات النفع في أن ليلة القدر قد تكون في الليالي الزوجية
علامات ليلة القدر بعد حدوثها

هناك علامات تظهر بعد انقضاء ليلة القدر، منها:

شروق الشمس صبيحة تلك الليلة بيضاء لا شعاع لها.

الشعور بالسكينة والطمأنينة في القلب.

تكون الليلة مضيئة، لا حارة ولا باردة.

ختامًا: دعوة للاجتهاد والاحتساب

على المسلم أن يستثمر هذه الليالي العظيمة بالدعاء والاستغفار، والعمل الصالح، سائلًا الله القبول والمغفرة، وأن يُكتب له أجر ليلة القدر، ويكون من الفائزين بها.

نسأل الله أن يجعلنا من المقبولين في هذه الليلة المباركة، وأن يعيننا على طاعته، ويجعلنا من عتقائه من النار.

مزيد من الخواطر الرمضانية