صيام رمضان بسبب العتق من النار

نفحات الفجر في رمضان(قصة وعبرة)

نفحات الفجر

اعتاد الناس في شهر رمضان على حضور الدروس والمواعظ التي يستغل فيها الدعاة فرصة إقبال الناس على المساجد. ومن بين هذه الدروس، “درس الفجر” الذي كان في الأعوام السابقة يتناول السيرة النبوية، ثم تطور لاحقًا إلى التعليق على آيات الإمام. وفي هذا العام، اخترنا أن نسلط الضوء على قصص الأنبياء لاستخلاص العبر تحت عنوان “قصة وعبرة”.

في هذه السلسلة، نقدم القصص بأسلوب موجز ومبسط لا يتجاوز الخمس دقائق، بحيث نروي القصة بإيجاز ثم نستخرج منها درسًا واحدًا على الأقل، رغم أن كل قصة تزخر بالعديد من العبر والدروس. ونسأل الله التوفيق والقبول.

قصص الأنبياء والعبر المستفادة

1. آدم عليه السلام وعداوة الشيطان

تروي قصة آدم عليه السلام كيف خلقه الله بيده وأكرمه بإدخاله الجنة، لكنه وقع في خطأ بعد أن وسوس له الشيطان ليأكل من الشجرة المحرمة. وبسبب ذلك، انكشفت عورته هو وزوجته، فحاولا ستر نفسيهما بأوراق الشجر. يقول الله تعالى: 

“فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ” (البقرة: 36).

*العبرة:

يجب الحذر من مكر الشيطان ووساوسه، فهو العدو الأول للإنسان، يعمل على تضليله وإبعاده عن طاعة الله.

2. موسى عليه السلام واليقين

عندما خرج موسى ببني إسرائيل هربًا من فرعون، ووصلوا إلى البحر بينما كان جيش فرعون يلاحقهم، أصاب القوم الذعر. لكن موسى عليه السلام ثبت على يقينه بالله وقال:

“كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ” (الشعراء: 62).

وبأمر الله، ضرب موسى البحر بعصاه فانشق، ونجا المؤمنون بينما هلك فرعون وجنده.

*العبرة:

الثقة بوعد الله واليقين في نصره من أعظم أسباب الفرج، فمهما اشتدت الظروف، فإن الله لا يخذل عباده الصالحين.

3. يوسف عليه السلام والعفو

تعرض يوسف لمكائد إخوته الذين ألقوه في البئر، ثم بيع كعبد، وسجن ظلمًا، لكنه صبر حتى جعله الله عزيز مصر. وحينما التقى بإخوته بعد سنوات طويلة، عفا عنهم وقال:

“لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ” (يوسف: 92).

*العبرة:

العفو عند المقدرة من صفات العظماء، فمن يعفو عن الناس ينال محبة الله ورفعة في الدنيا والآخرة.

4. إبراهيم عليه السلام والمحرقة

عندما دعا إبراهيم قومه إلى التوحيد، كسر أصنامهم، فقرروا إلقاءه في النار. لكنه ثبت على توكله بالله وقال:

“حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ”.

فأمر الله النار أن تكون بردًا وسلامًا عليه، فنجا من الكيد العظيم.

*العبرة:

التوكل على الله في أصعب الظروف هو مفتاح النصر والنجاة.

5. نوح عليه السلام والصبر الطويل

دعا نوح قومه إلى التوحيد لمدة 950 عامًا، لكن القليل فقط آمن به. ومع ذلك، استمر في دعوته دون يأس، حتى جاء الطوفان وأغرق الكافرين. 

“وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ” (هود: 40).

*العبرة:

الهداية بيد الله، وعلى الداعية أن يؤدي واجبه دون أن يحبطه قلة المستجيبين.

6. يونس عليه السلام ودعاء الكرب

عندما ابتلعه الحوت بسبب استعجاله في ترك قومه، لجأ إلى الله بالدعاء المشهور: 

“لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” (الأنبياء: 87).

فاستجاب الله له ونجّاه.

*العبرة:

في أشد الأزمات، يكون الدعاء هو السلاح الأقوى للمؤمن.

7. صالح عليه السلام وإنذار الثلاثة أيام

بعد أن قتل قوم ثمود ناقة الله، أنذرهم صالح بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، فظلوا يستهزئون به حتى حلّ بهم العذاب فجأة.

*العبرة:

الإمهال ليس إهمالًا، فعذاب الله قد يأتي بغتةً لمن يعاند رسله.

8. إدريس عليه السلام والمكانة العالية

كان إدريس عليه السلام خياطًا، يذكر الله مع كل غرزة إبرة. فأكرمه الله ورفعه مكانًا عاليًا، كما ورد في القرآن:

“وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا” (مريم: 57).

*العبرة:

الذكر الدائم والعمل الصالح يرفعان العبد عند الله.

9. هود عليه السلام وعذاب الريح العاتية

عاند قوم عاد نبيهم هودًا وقالوا:

“مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً” (فصلت: 15).

فأهلكهم الله بريح عاتية استمرت سبعة أيام وثمانية ليالٍ، فقضت عليهم تمامًا.

*العبرة:

الطغيان سبب للهلاك، والقوة الحقيقية في طاعة الله.

10. إسماعيل عليه السلام والامتثال

عندما رأى إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل، امتثل الابن لأمر الله وقال:

“يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ” (الصافات: 102).

ففداه الله بذبح عظيم.

*العبرة:

الطاعة المطلقة لأوامر الله تجلب الخير والبركة.

11. أيوب عليه السلام والصبر

ابتُلي أيوب بالمرض وفقدان المال والأهل، لكنه صبر 18 عامًا حتى شفاه الله.

*العبرة:

الصبر عند الشدائد مفتاح الفرج.

12. سليمان عليه السلام والنملة

سمع سليمان نملة تحذر قومها، فتبسم ضاحكًا ودعا الله أن يعينه على شكر نعمه.

*العبرة:

التواضع حتى في أعلى المناصب سمة القادة العظماء.

13. سليمان عليه السلام والهدهد

نقل الهدهد لسليمان خبر قوم سبأ الذين كانوا يعبدون الشمس، فأرسل لهم دعوة للإسلام.

*العبرة:

نشر الحق مسؤولية كل فرد مهما كان دوره في الحياة.

14. عيسى عليه السلام والبركة

قال عيسى عليه السلام: 

“وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ” (مريم: 31).

*العبرة:

المؤمن الحقيقي يسعى لنفع الناس في كل مكان.

15. زكريا عليه السلام والبشارة بالولد

رغم كبر سنه، دعا زكريا الله أن يرزقه ولدًا، فاستجاب له وأعطاه يحيى.

*العبرة:

لا شيء مستحيل مع الدعاء والتوكل على الله.

إن قصص الأنبياء ليست مجرد روايات تاريخية، بل هي دروس حية تحمل معاني عظيمة في الصبر، التوكل، اليقين، الإيمان، الدعوة، العفو، الطاعة، والشكر. وقد أراد الله أن تكون هذه القصص نموذجًا لنا لنستلهم منها العبر ونتعلم كيف نواجه تحديات الحياة بإيمان وثقة في وعد الله.

نفحات الفجر في رمضان (قصة وعبرة)
نفحات الفجر في رمضان (قصة وعبرة)

ومما نستفيده من هذه القصص:

1. عداوة الشيطان دائمة، ويجب على الإنسان أن يكون يقظًا ولا ينخدع بمكائده.

2. اليقين بالله سبيل للنجاة، كما رأينا مع موسى عليه السلام عند البحر.

3. العفو والتسامح رفعة، فقد سامح يوسف عليه السلام إخوته رغم ظلمهم له.

4. التوكل على الله سر النجاح، كما فعل إبراهيم عليه السلام عندما أُلقي في النار.

5. الصبر مفتاح الفرج، كما أثبت نوح وأيوب عليهما السلام في رحلتهما الطويلة مع البلاء.

6. الذكر والشكر من أسباب الفضل والرفعة، كما كان حال إدريس وسليمان عليهما السلام.

7. الدعاء سلاح المؤمن، فهو الذي أنقذ يونس عليه السلام من بطن الحوت، ورزق زكريا عليه السلام بالولد.

8. الهداية بيد الله وحده، فحتى الأنبياء لم يتمكنوا من هداية كل أقوامهم، كما في قصة نوح وهود وصالح عليهم السلام.

9. الإيجابية والمسؤولية من سمات الصالحين، كما فعلت النملة والهدهد في عهد سليمان عليه السلام.

10. الامتثال لأوامر الله طريق الفلاح، كما تجلى في موقف إسماعيل عليه السلام حينما استجاب لأمر الذبح.

دعاء وخاتمة

نسأل الله أن ينفعنا بهذه العبر، وأن يجعلها نورًا لنا في حياتنا، وأن يعيننا على طاعته والاستقامة على دربه.

اللهم اجعلنا من المتأملين في آياتك، المتعظين بقصص أنبيائك، المقتدين بسيرهم، ووفقنا لما تحب وترضى.

اللهم اجعل لنا من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، وارزقنا اليقين، والصبر، والتقوى، وحسن الظن بك، والتوكل عليك، ووفقنا لما تحب وترضى.

وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ختامًا، نسأل الله أن ينفعنا بهذه الدروس، ويجعلنا من المعتبرين والمستفيدين منها.

مزيد من الخواطر الرمضانية