طريق القرآن إلى القلوب في رمضان

مضى ثلث رمضان

مضي ثلث رمضان 

أما بعد:

أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فهو القائل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾.

أيها المسلمون:

كم تمر الأيام سريعًا، وكم تنقضي الليالي كلمح البصر! بالأمس كنا نترقب قدوم رمضان بشوق ولهفة، نرفع الأكف بالدعاء: “اللهم بلغنا رمضان”. وما إن أشرق علينا هلاله حتى تبادلنا التهاني ببلوغه، وأقبل الموفقون إلى المساجد بخشوع، تلاوة وتدبرًا، وقيامًا وصدقات، واستغلالًا لنفحات الرحمة والمغفرة.

ولكن ها نحن اليوم نقف أمام حقيقة مرور ثلث هذا الشهر المبارك وكأنه لحظات! أهكذا تمضي أيام رمضان سريعة دون أن نشعر؟! هل استثمرناها فيما يقربنا من الله؟ هل واظبنا على الصلاة والقيام؟ هل صُنَّا أسماعنا وأبصارنا عما حرم الله؟ هل كنا من أهل الصدقات والإحسان؟

لقد مضى الثلث الأول مسرعًا، ونحن نقترب من النصف، ثم ستأتي العشر الأواخر التي تضم أعظم ليلة في العام، ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر! فهنيئًا لمن اغتنم أيامه، وتاب وأناب، وأدرك قيمة هذه اللحظات الفاضلة.

أيها المسلمون:

رمضان أيامه معدودة، وأوقاته محدودة، فمن أضاعه فقد أضاع فرصة لا تعوض. فليبادر كل منا بمحاسبة نفسه، ولننظر فيما قدمنا، فالفرصة لا تزال قائمة لمن أراد الاستدراك.

ها هو الشهر يمضي، واللحظات تتوالى، وربما لا نلقاه مرة أخرى. فلنصم صيام مودع، ولنقم قيام المشتاق، ولنكثر من الاستغفار والدعاء، فقد قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾.

فلنسأل أنفسنا: هل نحن من أهل رمضان حقًا؟ هل نحن من العابدين الساعين للنجاة؟ أم من الغافلين؟

نسأل الله أن يجعلنا من المقبولين، وأن يعيننا على اغتنام ما تبقى من أيام وليالي رمضان، وأن يعتق رقابنا من النار، إنه جواد كريم.

اللهم اجعلنا من أهل طاعتك، ووفقنا لما تحب وترضى، وارزقنا الإخلاص في القول والعمل.

والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية

أما بعد:

أوصيكم – أيها المسلمون – ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾.

أيها الأحبة في الله:

لقد انقضى ثلث رمضان، وها هو النصف يوشك على الرحيل، فما أسرع انقضاء الأيام، وما أسرع رحيل المواسم الفاضلة! فأين المشمرون؟ أين الذين أدركوا فضل الزمان؟ أين الذين سارعوا إلى الطاعات، واستزادوا من الحسنات، وتعرضوا لنفحات الرحمن؟

يا أيها المحسن، اثبت على إحسانك، ويا أيها المقصر، بادر بالتوبة قبل فوات الأوان! فما زال باب الرحمة مفتوحًا، وما زالت الفرصة سانحة لمن أراد الفوز برضوان الله، ولمن أراد أن يكون من عتقاء هذا الشهر المبارك.

إلى متى التهاون والتسويف؟! أليس فينا من لا يزال متكاسلًا عن صلاة التراويح؟ أليس بيننا من لم يختم القرآن ولو مرة واحدة؟ أليس فينا من لم يتصدق ولم يفطر صائمًا؟ أين المشمرون؟! أين من أدرك أن رمضان موسم لا يتكرر إلا مرة كل عام؟!

يا عباد الله، لم يتبقَّ إلا القليل، وبعد أيام قليلة ستدخل العشر الأواخر، حيث ليلة القدر، حيث الفرصة العظيمة التي لا تعوض، حيث الليلة التي هي خير من ألف شهر، حيث من حرم خيرها فقد حرم!

فلنحسن العمل فيما بقي، فلنصلِّ صلاة مودع، ولنصم صيام مودع، ولنقم قيام مودع، لعل الله أن يتقبلنا في هذا الشهر الكريم.

نسأل الله أن يجعلنا من المقبولين، وأن يعيننا على طاعته، وأن يوفقنا لصيام رمضان وقيامه إيمانًا واحتسابًا، وأن يعتق رقابنا من النار.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك، واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين أجمعين.

أيها المسلمون:

لقد أوشكنا على بلوغ النصف من رمضان، وها نحن نودّع أيامًا مضت كانت مليئة بالخيرات، فهنيئًا لمن استغلها في الطاعات، ونسأل الله أن يوفق من قصَّر في أن يجبر ما فات. فالمجال لا يزال مفتوحًا، والفرصة لم تضع بعد، والعبرة بالخواتيم، فإنما الأعمال بخواتيمها.

إن شهر رمضان فرصة عظيمة للتغيير والتوبة والعودة إلى الله، فلا ينبغي لنا أن نضيعه بالغفلة والكسل، بل يجب أن نكون من أهل الاجتهاد في العبادة، والإقبال على الله بقلوب خاشعة، وألسنة ذاكرة، وأعمال صالحة.

مضى ثلث رمضان
مضى ثلث رمضان

إن العشر الأواخر من رمضان قادمة، وهي الفرصة الأعظم لمن أراد المغفرة والرحمة والعتق من النار. ففيها ليلة خير من ألف شهر، ليلة القدر التي من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه. فهل نحن مستعدون لاستقبالها؟ هل عقدنا العزم على الاجتهاد في عبادتها؟ هل خططنا لأن نكون من أهلها؟

يا من قصرت فيما مضى، لا تيأس! ويا من اجتهدت، لا تفتُر! لا يزال في الشهر بقية، ولا تزال رحمة الله واسعة، ولا تزال الفرصة قائمة لمن أراد الفوز والنجاة.

وصايا عملية لما تبقى من رمضان:

1. المحافظة على الصلوات الخمس جماعةً، والإكثار من السنن والنوافل.

2. مداومة قراءة القرآن، ومحاولة ختمه أو تلاوة ما تيسر منه بتدبر.

3. الحرص على قيام الليل، ولو بركعات قليلة، مع الإطالة في السجود والدعاء.

4. الإكثار من الصدقة والإحسان، خاصة تفطير الصائمين، ودعم الفقراء والمحتاجين.

5. التوبة النصوح، والحرص على نقاء القلب وصفاء النية، والعزم على الاستمرار في الطاعة بعد رمضان.

6. إحياء العشر الأواخر، والتماس ليلة القدر، والاجتهاد فيها بالقيام والدعاء والتضرع.

اللهم اجعلنا من المقبولين في هذا الشهر، وأعنا على صيامه وقيامه، وبلغنا ليلة القدر، واعتق رقابنا من النار، واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.

مزيد من الخواطر الرمضانية