أعمال رمضانيه نفسية

ماذا تعلمنا من رمضان؟

كفارتها تزول بالشكر

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

أيها المسلمون، إن كنا قد ودّعنا شهر رمضان المبارك، بما كان فيه من صيام وقيام، وتلاوة للقرآن وذكر ودعاء، وأداء للحقوق والواجبات، والإحسان إلى الخلق، فإننا قد تعلمنا من هذا الشهر العظيم أننا قادرون على الاستمرار في هذه الطاعات رغم انشغالنا ومسؤولياتنا الكثيرة. فأداء حق الله تعالى هو أعظم ما يجب علينا، فهو خالقنا ورازقنا، وهو الذي يأمرنا وينهانا، ويجازينا على أعمالنا. ونحن عباده في كل وقت وحال، وقد شرع لنا صيام التطوع، وقيام الليل، وحثنا على الوتر قبل النوم إلا لمن اعتاد القيام آخر الليل، فذلك أفضل، كما أمرنا بالمداومة على تلاوة القرآن الكريم وتدبره والعمل به، قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].

ومن توجيهات ديننا العظيم، الإحسان إلى الناس، سواء كانوا قريبين أو بعيدين، غير أن حقوق الأقربين أوجب وأعظم، كحقوق الوالدين، والأرحام، والجيران، فقد شدد الإسلام على صلتهم والإحسان إليهم.

ومما شرعه الله لنا بعد رمضان، صيام ستة أيام من شوال، كما ورد في الحديث الشريف عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالَ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ” (رواه مسلم). وفي حديث آخر عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صِيَامُ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُر، وصِيَامُ السِّتَّةِ أيَّامٍ بِشَهْرَينِ، فذَلك صِيَامُ السَّنَة”، وفي رواية أخرى: “مَنْ صَامَ سِتَّةَ أيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ كَانَ تَمَامَ السَّنَة”، استنادًا إلى قول الله تعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160] (رواه أحمد وابن ماجه).

وهذه الأيام الستة يجوز صيامها متتابعة أو متفرقة، سواء في بداية الشهر أو وسطه أو آخره، وكل ذلك مشروع، وينال المسلم الأجر بإذن الله تعالى متى صامها. لكن من كان عليه قضاء من رمضان، فالأولى أن يبدأ به ثم يصوم الست، وذلك استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالَ”، أي أنه أكمل صيام رمضان، ومن كان عليه أيام منه لم يصدق عليه أنه صام رمضان كاملًا حتى يقضي ما عليه، كما أن قضاء الفرض مقدم على التطوع.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أيها المسلمون، إن شهر رمضان مدرسة إيمانية عظيمة، تعلمنا فيها الصبر، والإخلاص، والمجاهدة، فليكن أثر هذا الشهر الكريم ممتدًا في حياتنا، فلا نكن ممن يعبدون الله في رمضان فقط، ثم يهجرون الطاعات بعده. فالمؤمن الحق هو الذي يثبت على الإيمان، ويستقيم على طاعة الله في كل زمان ومكان.

اجتهدوا في طاعة الله، وداوموا على الأعمال الصالحة، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّت، ولا تنسوا أن من علامات قبول الطاعة هو الاستمرار عليها بعد انقضاء المواسم الفاضلة.

واعلموا أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، فاغتنموا أوقاتكم، وتزودوا من العمل الصالح، فاليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل. فاستقيموا على أمر الله، وأكثروا من ذكره، وأقبلوا على الطاعات، وتجنبوا المعاصي، واحذروا من الغفلة والانشغال بالدنيا عن طاعة الله.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يثبتنا على دينه، ويتقبل منا صالح الأعمال، ويجعلنا من الفائزين في الدنيا والآخرة.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

هذا، وصلوا وسلموا على خير البرية، وسيد البشرية، محمد بن عبد الله، كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

ماذا تعلمنا من رمضان؟
ماذا تعلمنا من رمضان؟

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، برحمتك يا أرحم الراحمين.

عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]. فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

فاتقوا الله أيها المسلمون، وداوموا على العمل الصالح طوال حياتكم، كما اجتهدتم في رمضان، واسألوا الله القبول والثبات على الإيمان.

وصلوا وسلموا على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم.

مزيد من الخواطر الرمضانية