وضع خطة مثمرة للاستفادة القصوى من شهر رمضان

لماذا كانوا يفرحون بقدوم رمضان؟

لماذا كان السلف الصالح يفرحون بقدوم رمضان؟

مقدمة:

الحمد لله الذي فضل بعض الشهور على بعض، وجعل شهر رمضان موسمًا للطاعات وميدانًا لتكفير الذنوب، نحمده سبحانه أن بلغنا هذا الشهر العظيم، ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

كان السلف الصالح -رحمهم الله- ينتظرون رمضان بشوقٍ عظيم، لا مجرد انتظار عابر، بل كان لهم استعداد روحي خاص؛ حيث كانوا يدعون الله ستة أشهر قبل حلوله أن يبلغهم إياه، ثم يقضون الأشهر الستة التي تليه يسألون الله القبول. فما سر هذه الفرحة الكبيرة؟ ولماذا كان لهذا الشهر هذه المكانة العظيمة في قلوبهم؟

في هذا المقال، سنسلط الضوء على الأسباب التي تجعل رمضان فرصة لا تقدر بثمن، والعروض الإلهية التي يمنحها الله لعباده خلاله، وكيف يمكننا استقباله كما كان يفعل السلف.

1. رمضان يرفع الدرجات في الجنة

هل تعلم أن صيام رمضان قد يكون سببًا في ارتقائك إلى أعلى درجات الجنة؟

يروي طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- أن رجلين من قبيلة واحدة أسلما معًا، فاستشهد أحدهما في سبيل الله، بينما عاش الآخر عامًا إضافيًا ثم تُوفي. فرأى طلحة في المنام أن الذي مات متأخرًا دخل الجنة قبل الشهيد! فتعجب الصحابة من ذلك، فقال لهم النبي ﷺ:

“أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا: بلى، قال: وأدرك رمضان فصامه، وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟ قالوا: بلى، قال رسول الله ﷺ: فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض” (رواه ابن ماجه).

إن مجرد صيام رمضان قد يجعلك ترتقي في درجات الجنة أبعد مما بين السماء والأرض! فهل هناك فرصة أعظم من ذلك لطلب المغفرة والرفعة؟

2. رمضان يضاعف الحسنات ويثقل الميزان

إن كنت تبحث عن مضاعفة الأجر، فاعلم أن رمضان هو موسم مضاعفة الحسنات بشكل لا يُضاهى، حيث يقول النبي ﷺ في الحديث القدسي:

“كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به” (رواه مسلم).

بل وأكثر من ذلك، فإن الله يضاعف حسنات الصائم إلى سبعمئة ضعف أو أكثر، في حين أن باقي الأعمال تضاعف فقط إلى عشر أمثالها أو سبعين ضعفًا. فكيف لا يفرح المؤمن بقدوم هذا الشهر المبارك؟

3. رمضان وقاية من النار

الصيام ليس مجرد عبادة، بل هو درع يحمي صاحبه من النار، فقد قال النبي ﷺ:

“الصيام جنة (أي وقاية) وحصن حصين من النار” (رواه أحمد).

وفي يوم القيامة، حيث يمر الناس فوق الصراط المنصوب على جهنم، سيكون الصيام سببًا في نجاتهم. فكيف لا نفرح بقدوم شهر يُعد طريقًا للنجاة من العذاب الأبدي؟

4. الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة

في يوم لا ينفع مال ولا بنون، سيأتي الصيام ليشفع لصاحبه، كما قال النبي ﷺ:

“الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان له”

كم من الناس يبحثون عن شفعاء يوم القيامة؟ وها هو الصيام يقدم لك هذه الفرصة الذهبية مجانًا، فهل ستضيعها؟

5. الشياطين تُصفد والطاعات تُيسر

رمضان ليس كغيره من الشهور، ففيه تُصفّد الشياطين، وتُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وينادي منادٍ في كل ليلة:

“يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر” (رواه الترمذي والحاكم).

إنه أفضل وقت لتغيير العادات السيئة، والبدء في حياة إيمانية جديدة، فهل سنغتنم الفرصة؟

6. العتق من النار كل ليلة

رمضان ليس مجرد أيام للصيام، بل هو أيضًا فرصة يومية للنجاة من النار، فقد أخبر النبي ﷺ أن لله عتقاء من النار كل ليلة في رمضان (رواه الترمذي).

إن كنت تخشى عذاب النار، فاستغل رمضان ليكون سببًا في عتق رقبتك من العذاب الأبدي.

7. قيام ليلة واحدة يعادل قيام سنة كاملة

إذا صليت التراويح مع الإمام حتى ينصرف، يُكتب لك ثواب قيام ليلة كاملة، كما قال النبي ﷺ:

“من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة” (رواه الترمذي).

تخيل أن مجرد الصلاة نصف ساعة أو ساعة كل ليلة، يمكن أن تعادل قيام الليل بأكمله! فلا تحرم نفسك هذا الأجر العظيم.

لماذا كانوا يفرحون بقدوم رمضان ؟
لماذا كانوا يفرحون بقدوم رمضان ؟

8. ليلة القدر: خير من 83 عامًا من العبادة

ليلة القدر هي أعظم ليلة في العام، حيث قال الله تعالى:

﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ (القدر: 3).

أي أن عبادتك فيها تعادل عبادة 83 سنة متواصلة! ولهذا، كان السلف يفرحون بقدوم رمضان، لأن فيه ليلة قد تغيّر مصيرهم بالكامل.

9. العمرة في رمضان تعادل حجة مع النبي ﷺ

من بركات رمضان أن أداء العمرة فيه يعادل ثواب حجة مع رسول الله ﷺ، كما جاء في الحديث:

“عمرة في رمضان تعدل حجة معي” (رواه الطبراني).

فإذا كنت تتمنى الحج ولم تستطع، فاعتمر في رمضان، وستنال الأجر العظيم وكأنك أديت الحج مع النبي ﷺ نفسه!

10. للصائم دعوة مستجابة يوميًا

من الامتيازات العظيمة التي يمنحها الله للصائمين أن لكل واحد منهم دعوة مستجابة يوميًا، كما قال النبي ﷺ:

“إن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة” (رواه أحمد).

فإذا كنت تملك 30 دعوة مستجابة خلال رمضان، فلماذا لا تغتنمها في الدعاء لنفسك ولأحبابك؟

11. باب الريان للصائمين

تكريمًا للصائمين، جعل الله لهم بابًا خاصًا في الجنة يسمى باب الريان، حيث يدخلون منه ولا يدخل غيرهم، كما قال النبي ﷺ:

“إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه أحد غيرهم” (رواه مسلم).

تخيل أنك ستدخل الجنة من باب خاص بسبب صيامك لرمضان!

الخاتمة:

بعد كل هذه الفضائل العظيمة، هل ما زلت ترى رمضان مجرد شهر صيام؟! إنه فرصة لا تُعوض لمغفرة الذنوب، ورفع الدرجات، والنجاة من النار، فهنيئًا لمن أدرك رمضان واستغله خير استغلال.

اللهم بلغنا رمضان، وأعنا على صيامه وقيامه، واجعلنا فيه من العتقاء من النار.

مزيد من الخواطر الرمضانية