صيام الفتيات الصغيرات: متى تبدأ؟ وكيف تُشجّع؟
دليل تربوي للأمهات في شهر الصيام
تربية الفتيات على الصيام من أعظم الفرص التربوية التي يقدمها رمضان، لكنها تحتاج فهمًا، حكمة، وتدرّجًا. كثير من الأمهات يتساءلن: متى يجب على البنت الصيام؟ كيف أُشجّعها دون ضغط؟ متى أسمح لها بالإفطار؟
في هذا المقال نضع بين يديكِ دليلاً عمليًا لتأهيل الفتيات نفسيًا وجسديًا لصيام رمضان، بعيدًا عن القسوة أو التهاون.
١. متى يجب على الفتاة الصيام شرعًا؟
الصيام يجب على الفتاة عند البلوغ.
وتُعدّ البنت بالغة إذا ظهرت عليها واحدة من هذه العلامات:
نزول دم الحيض.
أو بلوغ سن 15 عامًا هجريًا.
أو ظهور علامات البلوغ الجسدية (مثل بروز الصدر أو نمو الشعر الخشن).
إن توفرت إحدى هذه العلامات، أصبح الصيام واجبًا شرعيًا، ويُؤثم تركه دون عذر.
٢. هل يجوز تعويد الفتاة على الصيام قبل البلوغ؟
نعم، بل هو مستحب جدًا.
قال الفقهاء: “يُدرَّب الصغير على الصيام إذا قَدَر، كما يُدرّب على الصلاة.”
لكن يجب أن يكون تدريبًا مرنًا لا إكراه فيه.
ابدئي بتعويدها على:
صيام حتى الظهر أو العصر.
ثم يومًا كاملًا كل أسبوع.
ثم زيادة الأيام بالتدريج حسب قدرتها.
٣. كيف أعرف أن ابنتي مستعدة بدنيًا؟
انظري إلى:
نشاطها أثناء الصيام.
قدرتها على التحمل دون تعب شديد.
مزاجها العام خلال اليوم.
إذا شعرتِ أنها تضعف أو تمرض أو تنهار عصبيًا، فلا بأس بالإفطار المؤقت، فهي لا تزال تتعلّم.
٤. هل يجوز لها الإفطار إذا تعبت؟
نعم.
الفتاة غير البالغة إذا صامت تطوعًا ثم شعرت بالتعب، فلها أن تُفطر ولا إثم عليها.
حتى الفتاة البالغة حديثًا، إن عجزت بدنيًا، يُراعى وضعها وتُشجّع بلطف على التعويض.
٥. كيف أشجّعها على الصيام دون صراخ أو تهديد؟
استخدمي أسلوب التحفيز لا التخويف:
امدحيها أمام إخوتها وأقاربها.
قدّمي لها هدية صغيرة بعد كل يوم صيام.
علّقي جدول متابعة بصيامها على الحائط.
شاركيها في تحضير السحور أو الإفطار.
اجلسي معها بعد المغرب للحديث عن ثواب الصيام.
التربية بالمكافأة أقوى من التربية بالخوف.
٦. متى أخبر ابنتي بأحكام الحيض والصيام؟
قبل البلوغ مباشرة، بلطف وأسلوب مبسّط، دون إحراج.
اشرحي لها أن الحيض طبيعي، وأنه وقت راحة من الصيام، وليس عيبًا.
علّميها أنها:
لا تصوم وقت الحيض.
تقضي الأيام لاحقًا.
لا تُخبر من حولها إن كانت صغيرة وخجولة.
٧. كيف أتعامل مع الفتاة الحساسة؟
بعض البنات يعانين من:
الإحراج.
الخوف من الفشل.
المقارنة مع أخواتهن.
في هذه الحالة:
ركزي على طاقتها وليس على عدد الأيام.
لا تعاتبيها إن فطرت.
امدحي نيتها، وساعديها على التحسن في العام القادم.
٨. هل يجوز استخدام الحيلة لتُكمل الصيام؟
أبدًا.
لا تكذبي عليها أو تضحكي لتخدعيها فتُواصل الصيام.
قولي لها الحقيقة:
“أنتِ تتدربين، والله يعلم أنكِ تبذلين جهدًا، وكل خطوة لكِ أجر.”
٩. هل أُحاسبها على الأيام التي أفطرتها؟
إذا كانت غير بالغة: لا، هي لا تُكلف ولا يُطلب منها القضاء.
إذا بلغت: تُحاسب مثل البالغين، وتُقضي الأيام التي أفطرتها بدون عذر.
لكن، في أول سنة بعد البلوغ، يُراعى صحتها وتدرّجها النفسي.
١٠. متى تتحول التجربة إلى عادة؟
إذا شعرت الفتاة أن الصيام جزء من هويتها الرمضانية، وليس تحديًا مفروضًا، فإنها ستواصله دون تعب.
اجعلي الجو الرمضاني حولها دافئًا، بهدوء، دعاء، حديث، قصص، أجواء جميلة.
١١. كيف أزرع في ابنتي حب رمضان؟
الصيام لا يبدأ من المعدة، بل من القلب.
لكي تُحب ابنتك رمضان، اربطيه في ذهنها بالآتي:
لحظات السحور الجماعية.
الدعاء مع العائلة قبل المغرب.
صدقة سرية تضعها بيدها.
عبارات ثناء من الأب أو الجدة.
قُدوتك أنتِ في الصبر والهدوء والعبادة.
لا تذكري رمضان أمامها بوصفه شهر تعب وطبخ وصوت مرتفع، بل اجعليه شهر روح وفرحة وقُرب من الله.
١٢. التعامل مع الإحراج وقت الإفطار
إذا كانت ابنتك حائضًا لأول مرة في رمضان، وامتنعت عن الصيام:
لا تُجبريها أن تُفطِر علنًا أمام الجميع.
لا تُعلني سبب الإفطار إن كانت صغيرة وخجولة.
لا تُحرجيها بقول: “كبرتِ وصار عندك عذر.”
أعطيها راحة نفسية، فهي تمرّ بمرحلة انتقالية دقيقة بين الطفولة والتكليف الشرعي.
١٣. كيف أدمجها في العبادة حتى لو لم تصم؟
في أيام الإعذار الشرعية أو التعب، لا تخرجيها من أجواء رمضان، بل:
اجعليها تُشارك في قراءة القرآن (دون مسّ إن كانت حائضًا).
علميها الدعاء، الذكر، الاستغفار.
حفّزيها أن تساعدك في إعداد الطعام بنية الأجر.
شاركيها مشاهدة دروس خفيفة أو مقاطع دينية مؤثرة.
بهذا تُدرك أن رمضان ليس فقط “صيام”، بل منظومة طاعة تُناسب كل الحالات.
١٤. تنبيهات تربوية للأمهات
لا تقارنيها بصديقاتها أو أخواتها.
لا تسخري من تعبها أو تهوين مشاعرها.
لا تُكافئيها بالحلوى مقابل الصيام فقط، بل امدحي روحها وعزيمتها.
لا تتحدثي أمامها أن “الصيام صعب” أو “البنات لا يتحمّلن”، فهذا يزرع التردد والخوف.
الكلمة الإيجابية تُشجّعها أكثر من عشرة أوامر.
١٥. ماذا أفعل إن رفضت الصيام تمامًا؟
إذا كانت صغيرة ولم تبلغ، لا تُجبريها.
لكن إن كانت بالغة ورافضة للصيام دون عذر، فيجب:
محاورتها بهدوء.
شرح الحكم الشرعي.
الحديث معها عن أجر الصيام.
عرض تجارب فتيات صائمات بقربها.
استشارة مرشدة دينية إن لزم الأمر.
ولا تنسي الدعاء لها في السجود بأن يُحبب الله إليها الطاعة.
✅ خاتمة المقال
تعويد البنات على الصيام رحلة، وليست اختبارًا.
ابدئي معها مبكرًا، بالتدرج، والحب، والتفهّم، وستجدين أنها في سنوات قليلة تصوم رمضان كاملًا بإرادة وفرح.
ولا تنسي:
النية الصادقة في تربيتها عبادة، وصبرك عليها صدقة، ومرافقتها في الصيام رحمة لكِ قبل أن تكون لها.