لحظات القرب

شهر الخير والبركة

رمضان شهر الخير والبركات – نفحات إيمانية ومغفرة ربانية

حلّ علينا هلال رمضان المبارك، حاملاً معه نفحات الإيمان والخير، فمرحبًا بشهر الطاعة والبركة، مرحبًا بشهر تتنزل فيه الرحمات، وتتضاعف فيه الحسنات، وتُغلق فيه أبواب النيران، وتُفتح فيه أبواب الجنان، وتُصفّد فيه الشياطين. إنه سيد الشهور وأفضلها، شهر أنزل الله فيه القرآن، وجعل صيامه فريضة وقيامه نافلة وفضيلة.

رمضان.. شهر المغفرة والرحمة:

يُعدّ رمضان فرصة ذهبية للمغفرة والعتق من النيران، فهو شهر الصبر والمواساة والتكافل، حيث يتعاون المسلمون على البر والتقوى، وتظهر فيه قيم التراحم والتناصر. في هذا الشهر، تُرفع الدرجات وتُمحى السيئات، وتُضاعف الحسنات، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم، ومن أدرك فضلها فقد فاز وغنم.

كم تغمر قلوب المؤمنين فرحة قدوم هذا الشهر العظيم، حيث تشرق فيه الأرواح، وتسمو النفوس، وتسكن القلوب بذكر الله. إنه شهرٌ لا تُعد فضائله، فقد وصفه النبي ﷺ بقوله:

“أتاكم رمضان، شهرٌ مبارك، فرض الله عزّ وجل عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب السماء، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم” (رواه النسائي).

شهر الطاعات والأجور المضاعفة:

رمضان ليس مجرد أيام صيام وقيام، بل هو محطة إيمانية عظيمة تُغسل فيها الذنوب وتُرفع فيها الدرجات. فقد قال النبي ﷺ:

“كل عمل ابن آدم يُضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولَخُلُوفُ فَمِ الصائم أطيب عند الله من ريح المسك” (متفق عليه).

إنه شهر تتجلّى فيه رحمة الله، حيث يعتق سبحانه رقاب عباده من النار كل ليلة، ويباهي بعباده الصائمين ملائكته، فهنيئًا لمن اغتنمه بالعبادة والطاعة، والخسران لمن فرّط في أوقاته الثمينة.

اغتنم الفرصة قبل فوات الأوان:

إن إدراك رمضان نعمة عظيمة قد لا تتكرر، فكم من أحباب كانوا معنا في رمضان الماضي، وهم اليوم تحت الثرى، فهل نضمن أن ندرك رمضان القادم؟ فلنستغل أيامه ولياليه بالتقرب إلى الله، ولنحرص على الفوز بنفحاته الربانية التي بيّنها النبي ﷺ في أحاديثه:

مغفرة الذنوب بالصيام: قال رسول الله ﷺ:

“مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (متفق عليه).

مغفرة الذنوب بقيام رمضان: قال النبي ﷺ:

“مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (متفق عليه).

مغفرة الذنوب بقيام ليلة القدر: قال النبي ﷺ:

“مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (متفق عليه).

فلنغتنم رمضان ولنعد العدة للآخرة:

فلنتعرض لنفحات الله في هذا الشهر الكريم، ولنعزم منذ أول ليلة أن نكون إلى الله أقرب، وعن النار أبعد، فربما يكون هذا آخر رمضان ندركه. لا تضيّع الفرصة، وأقبل على الطاعة بقلب مخلص، واعقد النية على الصيام والقيام، والإكثار من الدعاء والذكر وقراءة القرآن.

رمضان فرصة لا تعوّض، فمن فاته الخير فيه فقد خسر خسارة عظيمة. فالله الله في الصيام، والله الله في القيام، والله الله في ليلة القدر!

أبواب الخير في رمضان مفتوحة فهل من مشمّر؟

رمضان ليس مجرد شهر للصيام عن الطعام والشراب، بل هو شهر التغيير والإصلاح، حيث تُروَّض النفوس، وتُصفّى القلوب، وتُشحذ الهمم نحو الطاعة. فمن أراد الفلاح، فعليه أن يستغل هذه الأيام المباركة في التقرب إلى الله، والإكثار من العبادات التي تفتح له أبواب الرحمة والمغفرة.

1- الصيام الخالص لله

قال النبي ﷺ: “إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ”

فما أعظمه من فضل! بابٌ خاص لأهل الصيام، يُنادَون يوم القيامة ليستقبلوا جزاءهم العظيم. فلنحافظ على الصيام بإخلاص، بعيدًا عن الرياء، ولنجتهد في تهذيب أنفسنا من كل ما ينقص الأجر، كالغيبة والنميمة والغضب.

2- قراءة القرآن وتدبر آياته

رمضان هو شهر القرآن، كما قال الله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ (البقرة: 185).

فلنكثر من تلاوته، ولنجعل لنا وردًا يوميًا، مع التدبر والعمل بآياته، حتى يكون لنا شفيعًا يوم القيامة. فقد قال النبي ﷺ: “اقرَؤوا القرآنَ، فإنَّهُ يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِهِ” (رواه مسلم).

3- القيام والتهجد لذة لا تعوض

كم هي جميلة لحظات القيام في رمضان، حيث تتصل القلوب بالله، وتخشع الجوارح في سجودها، فتغمرها السكينة والطمأنينة. قال النبي ﷺ: “أفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ” (رواه مسلم).

فلنحرص على صلاة التراويح والتهجد، فهي فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب، ورفع الدرجات، ونيل القرب من الله.

4- الصدقة وبذل الخير

رمضان شهر الجود والكرم، وقد كان النبي ﷺ أجود ما يكون في رمضان. فإطعام الطعام، وكفالة اليتيم، وإعانة المحتاج، كلها أعمال تضاعف الأجر، وتُدخل صاحبها الجنة. قال ﷺ: “مَن فطَّرَ صائمًا كان له مثلُ أجرِهِ، غيرَ أنَّهُ لا ينقُصُ مِن أجرِ الصائمِ شيئًا” (رواه الترمذي).

فلنبادر بالخير، ولنتصدق بما نستطيع، فدرهمٌ في رمضان خيرٌ من أضعافه في غيره.

شهر الخير والبركة
شهر الخير والبركة

هلّا اغتنمنا رمضان قبل أن يفوت؟

إن أيام رمضان تمضي سريعًا، فمن قصّر في أوله، فليتدارك نفسه في أوسطه، ومن قصّر في أوسطه، فليضاعف جهده في العشر الأواخر. فقد كان النبي ﷺ “إِذَا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ”

فلا تضيع الفرصة، فكم من شخص كان يأمل أن يدرك رمضان، لكنه تحت الثرى الآن. فليكن رمضان هذا العام بداية جديدة لنا، نعود فيها إلى الله، ونفتح صفحة بيضاء، فالله سبحانه كريمٌ جواد، يعفو عن المسيء، ويغفر للمذنب، ويبسط يده للتائبين.

ختامًا رمضان فرصة العمر:

أيام رمضان هي دررٌ ثمينة، فمن أحسن اغتنامها سعد، ومن فرّط فيها ندم، فلنجعلها موسمًا للتغيير، وميدانًا للمنافسة في الخير، ولنستعد للقاء الله بقلوب نقية، وأعمال صالحة.

فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، فالله الله في الصيام، والله الله في القيام، والله الله في ليلة القدر!

مزيد من الخواطر الرمضانية