سارقو رمضان
رمضان بين الروحانية والتحديات الإعلامية
مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، يسعدني أن أدعوكم – قرائي الأعزاء – إلى رحلة تأمل في سلوكياتنا خلال هذا الشهر الفضيل، لنقوم معًا بمراجعة وتصحيح المسار، حتى نختمه بروح إيمانية نقية تملؤها البركة والخير.
يحلّ علينا شهر الكرم والقرآن كل عام، ويجلب معه موائد غنية بالأطعمة الشهية، لكن في المقابل، تزدحم الساحة الإعلامية ببرامج ومحتويات مليئة بمظاهر الفساد الأخلاقي، التي تُبعد القلوب عن روحانية الشهر وتضعف المناعة الإيمانية، مما يجعل الاستفادة من نفحاته الروحية أكثر صعوبة.
وقفة مع الذات:
أيها القارئ الكريم، أيتها القارئة الفاضلة،
هل الإعلام الذي يُقدَّم في رمضان يعكس قيم هذا الشهر الفضيل؟
هل يسهم في تعزيز أجواء الإيمان والعبادة؟
هل يوجّه سلوكياتنا نحو ما يرضي الله، أم يشغلنا عن الأهم؟
يُسمى هذا الإعلام “رمضانيًا”، وكأنه أُعِدَّ خصيصًا لمرافقة الصائمين في رحلتهم الروحية، لكنه في الواقع يُغرق أوقات الصلاة بالمغريات، ويجعل الذهن شاردًا أثناء أداء العبادات، حتى أصبحت صلاة التراويح تُؤدى بالأجساد فقط، بينما العقول تتابع أحداث المسلسلات.
الإعلام تحت المجهر
هذه الظاهرة ليست جديدة، فالإعلام اعتاد في كل رمضان على تقديم محتويات تسلب التركيز عن العبادة، ولكن الخطير اليوم هو التحول إلى خطاب أكثر جرأة في نشر الفساد والترويج لما ينافي قيمنا، في شكل يبدو وكأنه أمر طبيعي ومقبول!
وهنا نطرح السؤال الأهم: ما الهدف الحقيقي من هذا الإعلام في شهر رمضان؟
إنه كالسوس الذي ينخر في صيامنا، فيسرق منا الحسنات، وبدل أن يخرج رمضان أفرادًا صالحين، نجد أنفسنا أمام جيل مشوش الذهن، قليل التأثر بروح الشهر الكريم.
الإعلام مسؤولية وأمانة
إن الإنسان ابن بيئته، والإعلام يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل سلوكياته، لذا من الضروري أن نتصدى لهذا الطوفان الإعلامي بقوة الإيمان، ونُحسن اختيار ما نتابعه خلال الشهر الكريم.
رسالة أخيرة
ما نراه اليوم من لصوص رمضان لم يعد مجرد مشاهد ترفيهية عابرة، بل أصبح وسيلة لسلب أجر الصيام والانشغال بالمغريات على حساب العبادات. لذا، دعونا نستثمر هذا الشهر بما يعود علينا بالنفع، ولنرفع شعار:
“لن يسبقني أحد إلى الله وسأكون أنا بطل رمضان الحقيقي، في شهر الفضيلة لا الرذيلة.”
فهل هناك من ينضم إلينا في هذا السباق نحو الخير؟

إرث رمضان وقيمته
عندما نستحضر شهر رمضان، فإن أول ما يتبادر إلى ذهننا هو عبادة الصوم، حيث تتعالى أصوات الدعاء وتتضاعف الأعمال الصالحة. إنه شهر يتميز بفيض من الرحمة والمغفرة، ولكنه أيضًا فرصة عظيمة لتطهير النفوس وتغيير السلوكيات. بيد أن هذا الشهر لا يعاش فقط في الصلوات والعبادات الفردية، بل يمتد تأثيره إلى المجتمع بأسره. فإذا كان الإعلام هو الرفيق الذي يسير معنا طوال الشهر، فهل سيكون هذا الرفيق مخلصًا في نقل صورة رمضان الحقيقية؟ أم أنه سيحيد عن الطريق، ليعزز ثقافة الاستهلاك والمغريات الدنيوية؟
التحديات الإعلامية في رمضان
مع تنامي وسائل الإعلام وتنوعها، أصبحنا نعيش في عصر يُغرقنا بالمحتوى، سواء كان ذلك من خلال التلفزيون، أو الإنترنت، أو منصات التواصل الاجتماعي. إلا أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية توجيه هذا المحتوى بما يتماشى مع قيم الشهر الفضيل. فبدلاً من أن يكون الإعلام منصّة لرفع الوعي الديني والتعليمي، نجد أن بعض البرامج تروج للأفكار السطحية أو تصدّر لنا قيمًا تتعارض مع روحانية رمضان. من المسلسلات التي تركز على العلاقات المزعزعة إلى الإعلانات التي تشجع على التفاخر بالمأكولات والملابس، كل ذلك قد يؤدي إلى تشتيت الذهن وتوجيهه بعيدًا عن أسمى أهداف الشهر المبارك.
مواجهة هذا التحدي تبدأ من أفراد المجتمع أنفسهم. فالإعلام ليس مجرد أدوات تقنية، بل هو وسيلة للتأثير والتوجيه. إذا أراد الناس أن يستثمروا رمضان بما يعود عليهم بالخير، يجب أن يكون لديهم وعي جماعي بأهمية المحتوى الذي يتلقونه ويستهلكونه. من هنا، يأتي دور الأسرة، والمدرسة، والمساجد، والمجتمع ككل، في توجيه الأفراد لاختيار المحتوى المفيد والمُلهم، بعيدًا عن البرامج التي قد تضر بالروح الرمضانية.
الإعلام الذي يعزز الروحانية
في هذا السياق، يجب أن نسعى لخلق بيئة إعلامية تشجع على القيم الإسلامية الحقيقية. هناك العديد من البرامج التي يمكن أن تساهم في نشر الوعي الديني، مثل البرامج التي تعرض تلاوة القرآن الكريم، وتفسير الأحاديث النبوية، وشرح السنن، وتقديم القصص التاريخية الإسلامية التي تحمل عبرًا ودروسًا. يمكن للإعلام أن يلعب دورًا إيجابيًا إذا تم استخدامه لنقل رسالة رمضان الحقيقية، وتعميق الروابط الروحية بين المسلمين، وتعزيز الجوانب الإنسانية مثل التكافل الاجتماعي، والرحمة، والصبر.
إجراءات عملية للاختيار الصحيح
1. اختيار المحتوى المناسب: يمكن لكل فرد أن يختار بحكمة ما يشاهده في رمضان. ففي عصر الإنترنت ووسائل الإعلام المتعددة، أصبح لدينا القدرة على اختيار برامجنا بكل حرية. يجب أن تكون الأولوية للمحتوى الذي يعزز القيم الروحية ويسهم في التقرب إلى الله.
2. التفاعل الإيجابي مع المجتمع: يمكن للمساجد والمنتديات الدينية تنظيم فعاليات رمضانية، ومناقشات حول كيفية الاستفادة القصوى من هذا الشهر الكريم، مع توجيه الأفراد إلى اختيار البرامج التي تعكس القيم الإيجابية.
3. الإعلام الأخلاقي: ينبغي أن يكون هناك تحفيز للمؤسسات الإعلامية لانتاج محتوى يواكب روح رمضان بشكل هادف، حيث يمكن تعزيز البرامج الدينية والتعليمية بجانب البرامج الترفيهية المعتدلة التي تواكب اهتمامات الجمهور.
ختامًا، رمضان ليس مجرد شهر صيام عن الطعام والشراب، بل هو دعوة للتغيير والتجديد الروحي. إننا بحاجة إلى أن نعيش رمضان بكل جوانبه، الروحية والإعلامية والاجتماعية. لتكن هذه فرصة للابتعاد عن التشتت الإعلامي، ولنعمل معًا لتحقيق هدفنا الأسمى: تقوية إيماننا، وتعميق عبادتنا، ورفع مستوى أخلاقنا، لنكون بطل رمضان الحقيقي.
الخطوة المقبلة
أ. هل ترغب في مناقشة كيفية تطوير برامج إعلامية إسلامية تحفز على الروحانية في رمضان؟
ب. هل تحتاج إلى نصائح حول كيفية تحديد المحتوى الإعلامي المناسب خلال الشهر الكريم؟