بدع أحدثها الناس في رمضان

تحدي الشباب في رمضان – روح، حماس، ومتعة

متعة رمضان 

أخي الشاب، رسالة من القلب إليك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

ها قد أقبل علينا شهر رمضان المبارك، ذاك الشهر الذي يملأ قلوبنا بالخير والبركة، ويجعلنا نتأمل في حالنا ونراجع أنفسنا. لا شك أنك كغيرك من المسلمين قد استبشرت بقدومه، فهو فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله.

لكن يا أخي العزيز، أريد أن أصارحك اليوم، حديثًا صادقًا تحت ضوء الشمس. نعم، المصارحة قد تكون أحيانًا مؤلمة، ولكنها السبيل الوحيد للإصلاح والتغيير، فقد جرّبنا جميعًا مرارة التستر على العيوب، ورأينا كيف يؤدي دفن الأخطاء إلى المزيد من الانحراف.

التناقض الغريب!

من المشاهد المتكررة في رمضان، أن ترى شابًا مستهترًا، ينجرف خلف الشهوات، ويرتكب المعاصي الكبيرة دون اكتراث، ومع ذلك تجده حريصًا كل الحرص على دقائق المسائل الفقهية في الصيام! يسأل بجديّة: “نزل من أنفي دم، هل يؤثر على صيامي؟” أو “دخل غبار إلى جوفي دون قصد، فهل أفطرت؟”.

لا أحد ينكر أهمية السؤال عن العبادات، ولكن ألا ترى التناقض؟ كيف لمن يتساهل في الكبائر ويجاهر بها أن يتحرّى عن شيءٍ لا يقارن بما يفعله؟ كيف له أن يخشى بطلان صيامه بسبب غبار، بينما لا يخشى بطلانه بسبب سيل الذنوب الجارف؟!

أنت قادر على ضبط نفسك!

بعض الشباب عندما يُنصح بالبعد عن المعاصي، يبرر ذلك بقوله: “أنا مقتنع، لكن لا أستطيع مقاومة شهواتي!”، وكأنّه مسلوب الإرادة! ولكن تأمل حاله في الصيام

ما إن يؤذن الفجر حتى يُمسك فورًا، ولو كانت اللقمة في فمه، ويبقى طوال اليوم، مهما بلغ به العطش والجوع، لا يتجرأ على خرق الصيام. فلماذا إذن يضعف أمام شهواته في بقية الأيام؟ إن هذا دليل واضح على أن الإنسان قادر على ضبط نفسه متى أراد، لكنه فقط يحتاج إلى قرار حاسم.

هل تستطيع أن تكون مثلهم؟

اذهب إلى مسجدٍ يتلو إمامه القرآن بصوت خاشع، وانظر إلى الشباب الذين يقفون بين يدي الله في صلاة التراويح، حتى آخر الليل، بينما آخرون يقضون ليالي رمضان في العبث واللهو.

ما الذي جعل هؤلاء الشباب يتركون السهرات الفارغة، ويتوجّهون إلى بيوت الله؟ لديهم نفس الشهوات التي لديك، ويواجهون نفس التحديات التي تواجهها، لكنهم اختاروا طريق الطاعة، فلماذا لا تختاره أنت أيضًا؟

التحوّل ليس مستحيلًا!

كم من شابٍ كان يعيش في ظلمات الغفلة، ثم أشرقت في قلبه أنوار الهداية، فأصبح من عباد الله الصالحين! ربما كان أحدهم صديقك، وربما كنت أنت يومًا مثله، فما الذي يمنعك من التغيير؟

التغيير لا يحتاج إلى معجزة، بل إلى إرادة صادقة، وكسر الحواجز الوهمية التي تعتقد أنها تمنعك من التوبة. صدقني، كل ما تحتاجه هو خطوة واحدة، وستجد الطريق ممهدًا أمامك.

قبل أن تذبل زهرة الشباب!

ألا ترى ذلك الرجل الطاعن في السن، الذي أحدودب ظهره وصارت العصا رفيقته الدائمة؟ هل وُلد هكذا؟ لا، بل كان يومًا شابًا قويًا، ممتلئًا بالحيوية والنشاط، لكن الزمن لم يترك له خيارًا، وهكذا سنكون جميعًا يومًا ما.

فهل سننتظر حتى يذهب العمر، ثم نتحسر على ضياع فرصة الطاعة؟ أم سنستغل شبابنا قبل أن تذبل زهوره؟

الشباب سؤال ينتظرك يوم القيامة!

أخي الكريم، ألم تسمع بحديث النبي ﷺ: “لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به”؟

الشباب مرحلة لن تدوم، وسنُسأل يوم القيامة عن كيف استثمرناها. فهل نحن مستعدون للإجابة؟ هل حالنا اليوم يؤهلنا لاجتياز هذا الامتحان؟

فرصة عظيمة لا تفوتها!

هل تعلم أن هناك سبعة أشخاص سينعمون بظل الله يوم القيامة، يوم تدنو الشمس من الرؤوس؟ ومن بينهم “شاب نشأ في طاعة الله”!

لماذا لا تكون أنت أحدهم؟ ماذا يمنعك من اغتنام هذه الفرصة العظيمة؟ رمضان فرصة ذهبية لتغيير المسار، فابدأ الآن قبل أن يفوت الأوان.

أين موقعك في خريطة الخير؟

انظر حولك في رمضان المساجد ممتلئة، المصاحف تُتلى، الصدقات تتدفق، الناس يتسابقون في الطاعات. فأين أنت من كل هذا؟ هل ستبقى مجرد مشاهد، أم أنك ستأخذ مكانك بين الصالحين؟

أخي الشاب، أعظم ما يمكنك تقديمه في هذا الشهر هو توبة صادقة، وقرار جريء بالانضمام إلى قافلة الأخيار، قبل أن يأتيك الموت فجأة فتجد نفسك قد ضيعت الفرصة الأخيرة!

التوبة لا تنتظر اللحظة المثالية!

كم من شابٍ كان ينتظر حادثًا يهزه، أو وفاة قريب توقظه، ليبدأ التوبة، لكنه لم يدرك أن الموت قد يأتيه قبل أن يحين موعد تلك اللحظة المنتظرة!

لا تنتظر الصدمة، فالأمر لا يحتمل المخاطرة. القرار بيدك الآن، والخيار واضح أمامك… فهل ستختار التوبة اليوم، أم ستؤجلها حتى يفوت الأوان؟

القرار بين يديك الآن!

أخي الشاب، لا أحد يستطيع أن يتخذ هذا القرار نيابةً عنك، فأنت وحدك من يملك زمام حياتك. رمضان ليس مجرد شهرٍ للصيام، بل هو محطة تغيير، فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وتصحيح المسار قبل فوات الأوان.

تذكّر أن الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عبده، ويرحب بمن يعود إليه، مهما كانت ذنوبه وأخطاؤه. فلا تجعل وساوس الشيطان تثنيك عن العودة، ولا تستسلم لوهم أنك لا تستطيع التغيير.

تحدي الشباب في رمضان – روح، حماس، ومتعة
تحدي الشباب في رمضان – روح، حماس، ومتعة
خطوتك الأولى نحو التغيير

إذا كنت تتساءل: “كيف أبدأ؟”، فإليك خطوات بسيطة وعملية:

1. استشعر عظمة الله – عندما تدرك أن الله رحيم، قريب، يفرح بتوبتك، ستجد قلبك يلين ويتجه إليه بصدق.

2. اجعل الدعاء سلاحك – قف بين يدي الله وادعه بقلبٍ صادق: “اللهم اهدني، اللهم قوّني على طاعتك، اللهم اغفر لي.”

3. ابدأ ولو بخطوات صغيرة – لا يشترط أن تنقلب حياتك 180 درجة في لحظة، لكن ابدأ بتغيير العادات السيئة تدريجيًا، واستبدلها بأعمال صالحة.

4. ابتعد عن المؤثرات السلبية – احذر من الصحبة السيئة، والمغريات التي تبعدك عن الله، وابحث عن بيئة تعينك على الخير.

5. لا تيأس إن أخطأت – كلنا نخطئ، لكن العبرة بمن يعود سريعًا ولا يصرّ على الذنب. تذكر أن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب بصدق.

اختم رمضان بإنجازٍ حقيقي

مع اقتراب نهاية الشهر، لا تجعل رمضان يمر عليك وكأنه مجرد أيام من الصيام والانشغال بالمأكولات والمسلسلات. اجعل رمضان هذا العام مختلفًا، اجعله نقطة تحول في حياتك.

كن صادقًا مع نفسك واسألها: هل سأكون من الذين يخرجون من رمضان كما دخلوا؟ أم أنني سأكون من الذين غُفرت ذنوبهم، وتطهرت قلوبهم، وأصبحوا أقرب إلى الله؟

الخيار لك، والفرصة بين يديك فلا تضيعها!

خذ نفسًا عميقًا، وأعد التفكير رمضان هو فرصتك الكبرى، فلا تضيعها!

مزيد من الخواطر الرمضانية