إشراقة رمضان وانعكاسها على واقع المسلمين

أقبل رمضان بنوره وبهجته، يحمل معه نفحات الخير والبركة!

رمضان موسم الخير وأيام البركة

الحمد لله الذي أكرمنا ببلوغ شهر رمضان، شهر الرحمة والمغفرة، الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس. نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

رمضان فرصة المتسابقين إلى الجنان

أيها الأحبة، لقد حلّ علينا شهر رمضان، وهو ميدان المتسابقين، وغنيمة الصادقين. تُضاعف فيه الحسنات، وتُمحى السيئات، وتُرفع فيه الدعوات، وتُغفر فيه الزلات. إنه شهر الجنة والنور، والبركة والخير، فلنستقبله بالإقبال على الطاعات، ولنبتعد عن الفتور والغفلات.

كم تواترت الأحاديث في فضله! فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصُفدت الشياطين” (متفق عليه). إن هذه البركات العظيمة تُفتح لأهل الإيمان، ليزدادوا من أعمالهم الصالحة، وتُغلّق أبواب الجحيم ليبتعدوا عن المعاصي، وتُصفّد الشياطين فلا تفسد عليهم أجواء الطاعة.

هدايا الله لأمة محمد في رمضان

لقد اختص الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم بخمس نِعمٍ في هذا الشهر الفضيل، كما جاء في حديث رواه أحمد:

1. رائحة فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.

2. تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.

3. يزين الله كل يوم جنته لعباده الصالحين.

4. تُصفّد الشياطين فلا تفسد عليهم عبادتهم

5. يغفر الله للمؤمنين في آخر ليلة من رمضان.

رمضان موسم الطاعة والتغيير

أيها الصائم، تأمل في هذه الأيام العظيمة، كم ضيّع الناس من مواسم للطاعة في غير رمضان؟ أما آن لك أن تستثمر هذا الشهر؟ أما آن لك أن تتوب إلى الله؟ اجعل رمضان هذا نقطة تحول في حياتك، فلعله يكون آخر رمضان لك.

“كم من أناس كانوا معنا في العام الماضي، واليوم تحت التراب!”

فأين هم الآن؟ أين صلاتهم وصيامهم؟ أين جهادهم في الطاعة؟ لقد انتهت أعمارهم، وبقيت أعمالهم تُحاسَب. فبادر بالتوبة، ولا تؤجل، فإن الموت يأتي بغتة.

نداء إلى القلوب الغافلة

يا من تهاون في رجب وعصى في شعبان، قد أظلك شهر رمضان، فهل تجعله شهر عصيان أيضًا؟ اغتنم الفرصة، وأكثر من قراءة القرآن، واملأ أيامك بالتسبيح والذكر.

“أتى رمضان مزرعة العبادِ لتطهير القلوب من الفسادِ”

“فأدِّ حقوقه قولًا وفعلًا وزادَك فاتخذْه للمعادِ”

بشائر النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم رمضان

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُبشّر أصحابه بقدوم رمضان، فيقول: “قد جاءكم شهر رمضان، شهرٌ مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشياطين، وفيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم” (رواه أحمد والنسائي).

فأي شرف أعظم من هذا؟! كيف لا يُبشَّر المؤمن بفتح أبواب الجنة؟ وكيف لا يفرح المذنب بإغلاق أبواب النار؟ وكيف لا يسعد العاقل بوقتٍ يُغلّ فيه الشيطان؟

نداء إلى المتكاسلين عن الطاعة

يا من غفل قلبك، أما آن أن تستيقظ؟ أما آن أن تتوب؟ هذا رمضان قد أقبل، فاغتنم أيامه، وابكِ على ما فاتك، وقف بين يدي الله منيبًا، وأقبل إليه بقلبك.

“إذا رمضان أتى مقبلًا فأقبل فبالخير يُستقبل”

“لعلّك تخطئه قابلًا وتأتي بعذر فلا يُقبل”

اللهم بلغنا رمضان وأعنّا فيه على الطاعة

اللهم اجعلنا من المقبولين في هذا الشهر الكريم، ووفّقنا للصيام والقيام، واغفر لنا ذنوبنا، وتقبّل أعمالنا. اللهم اجعلنا من عتقائك من النار، وارزقنا توبة نصوحًا قبل فوات الأوان.

رمضان بابٌ إلى الجنة وفرصة العمر

أيها الأحبة، إن بلوغ رمضان نعمة عظيمة، فكم من قلوب كانت تأمل إدراكه ولكنها رحلت، وكم من أرواح كانت تتمنى قيامه ولكنها لم تُمهل! فمن أدركه، فليغتنم كل لحظة، وليجعلها بداية جديدة مع الله.

يا من قصرت في شعبان، وأكثرت الذنوب في رجب، ها قد أتاك شهر الغفران، فهل ستضيعه أيضًا؟

قم، وجدّ في العبادة، ولا تدع غفلة الأيام تسرق منك فرصة العمر

أقبل رمضان بنوره وبهجته، يحمل معه نفحات الخير والبركة
أقبل رمضان بنوره وبهجته، يحمل معه نفحات الخير والبركة
القرآن في رمضان ربيع القلوب

ما أجمل أن يكون رمضانك عامرًا بكتاب الله! فهو الشهر الذي أُنزل فيه القرآن، وهو خير رفيق في هذه الأيام المباركة. اجعل لنفسك وردًا يوميًا من التلاوة، فكم من آية كانت سببًا في هداية، وكم من لحظة تدبر غيّرت حياة.

“شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان” (البقرة: 185).

فلا تدع يومًا يمر دون أن تنهل من معين هذا النور، فإنه شفاءٌ لما في الصدور، ونورٌ في الدروب.

ليلة القدر كنزٌ لمن أدركه

وفي هذا الشهر ليلة عظيمة، خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم. إنها ليلة القدر، التي تتنزل فيها الملائكة، وتُكتب فيها الأقدار. فهل ستجعلها تفوتك؟ أم ستُشعل همّتك في العشر الأواخر، وتبحث عنها في الليالي الوترية؟

قم الليل، ادعُ الله، ابكِ بين يديه، فهو قريب يجيب المضطر إذا دعاه.

“اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، فاجعلها شعارك في هذه الليالي المباركة.

وداعًا رمضان فهل كنا من الفائزين؟

وما هي إلا أيام معدودات، ثم نودّع رمضان، فهل سيكون شاهدًا لنا أم علينا؟ هل سنخرج منه برحمة ومغفرة، أم سنخرج منه كما دخلنا؟

رمضان مدرسة إيمانية، فليكن أثره ممتدًا في حياتنا بعد رحيله.

من كان يعبد الله في رمضان، فليعبد الله في سائر الأيام، فربّ رمضان هو ربّ كل الشهور.

اللهم اجعلنا من الفائزين في رمضان

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، واغفر لنا زلاتنا، ووفقنا لطاعتك بعد رمضان.

اللهم اجعلنا ممن أُعتقوا من النار، وأكرمنا بجناتك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ولا تنسونا من دعواتكم الصالحة، فالدعاء بظهر الغيب مستجاب.

مزيد من الخواطر الرمضانية